أحلام عراقية !!
حسن العاني/
طوال عقدين من الزمن والعراقيون يعيشون حالة غير مسبوقة من الجدل والخوف والأمل كلما انتهت الانتخابات وحان موعد تشكيل الحكومة وما يرتبط بها من (حكايات) الموازنة والمشاريع والتعيينات..الخ، ولهذا فإن احلامهم الليلية تدور في فلك هذه القضية!!
ما حصل معي قبل شهرين تقريباً، أنني رأيت فيما يرى النائم، أن أمين عام الأمم المتحدة استدعاني الى مقره وأسمعني كلاماً جميلاً من حيث كفاءتي ونزاهتي، التي يشهد لها انتمائي الى العوائل المتعففة، ووطنيتي النادرة التي استحق عليها نوط المواطن الأول في العراق، على حد تعبيره… وحين انتهى من كلمته التي انعشتني (دس) في جيبي (9 آلاف دولار) وكأنها دفعة أولى كما فهمت لتكليفي في حل مشكلة العراق المتمثلة بالتبادل السلمي للسلطة، وطلب مني الذهاب الى المنطقة الخضراء لمقابلة ممثلي الشعب هناك (الكرد والشيعة والسنّة والاقليات الدينية والقومية)!!
انتابني نشاط لم أشعر به من قبل منذ اللحظة التي انتفخ فيها جيبي بالدولارات وذهبت فوراً الى الخضراء، كان الجو في الخارج خانقاً بسبب الغبار والأتربة، وحين دخلت المنطقة فوجئت بعذوبة الهواء وصفاء السماء ونقاوة الجو، وفي المكان المعد للاجتماع – وبعد إلقاء التحية والتعارف – تفتحت قريحتي وانطلق لساني وكأنني خطيب العرب (قسْ بن ساعدة) .. وقدمتُ مقترحي لحل المشكلة – فوافقت عليه الأطراف جميعها، ورحبت به ترحيباً حاراً – ويقضي بأن تتولى (الأقليات) زمام السلطة لمدة سنتين، إذ تكون لها ومنها الرئاسات والوزارات والمناصب، ثم يأتي بعدها الآخرون وعلى وفق الاتفاق بينهم ومن يكون الأول والثاني والثالث، وكل طرف يصل الى السلطة يبقى فيها (3سنوات)، وتكون منه وله مقاليد الحكم والسلطة بالكامل، تماماً كما حصل مع الأقليات!!
وسط عاصفة من التصفيق والقُبل والأحضان ودموع الفرح وزغاريد النسوان انفض اللقاء التاريخي.. وبعد انتهاء السنتين اللتين مرّتا (في الحُلم) كما لو كانتا دقيقتين، جاء دور من يتسلم السلطة بعد الأقليات بناءً على الاتفاق المبرم بين الأطراف في حضوري وحضور (56) فضائية، ولكن (الأقليات) رفضت الاعتراف بالاتفاق، وقال ممثلهم بصريح العبارة وبالفم الملآن [هل سمعتم أحداً يتنازل عن السلطة حتى لو بقيت في يده خمسين سنة؟!]، وعلى فحيح أصواتهم المخيفة وشجارهم العنيف الذي انتقل الى مرحلة التخوين والتهديد، استيقظتُ من الحلم فزعاً وأنا أحمد الله لأن ما يجري في الأحلام أسوأ مما نرى في الواقع!!