إنذار، ثم ماذا؟

850

نرمين المفتي /

مساء الثلاثاء الماضي 18 شباط، تشارك عدد كبير من المدوّنين نشر فيديو تحت عنوان (سماسرة الدعارة في الجامعات)، بعضهم وجده فرصة للإساءة إلى الطالبات الجامعيات والبعض الآخر انبرى للدفاع عنهن، أرغمتني التعليقات على مشاهدة الفيديو، لأجده تقريرا خبريا يحمل لوغو فضائية آسيا! في اليوم التالي، الأربعاء 19 شباط، نشرت المواقع الإخبارية إنذارا موجَّها من هيئة الإعلام والاتصالات بتوقيع رئيس جهازها التنفيذي إلى القناة يفيد”… لوحظ قيامكم ببثّ مواد مخالفة للائحة قواعد البث الإعلامي وتحديدا يوم 18/2/2020 في برنامج بانوراما المساء بموضوع (سماسرة الدعارة في الجامعات) الذي تضمَّن العديد من المخالفات ….” ويشير إلى المواد التي خالفتها القناة وهي خاصّة بالمواد الكاذبة والباطلة والدقة والنزاهة والشفافية في نقل المعلومات وضرورة عدم بث مواد تحتوي على التشهير والإساءة الصريحة لسمعة الأشخاص….الخ، عدّت الهيئة المادة المبثوثة “إساءة صريحة” إلى “طلاب” فقط وليس لطالبات الجامعة، خاصة أنَّ التقرير يبدأ بشخص، يظهر فيما بعد أنَّه المراسل، يتّصل بإحداهن لتؤكد “أنَّ الطالبة موجودة وجاهزة بعد المحاضرات ” وتضيف في جملة أخرى “أنَّ كلّ بناتها طالبات جامعة”، ثم صوت المراسل يقول: ” بعد إجراء المكالمة مع “الطالبة والقوا..! نلتقي بها” و تظهر امرأة يبدو شعرها الأحمر الناري وتقول بأنّها “طالبة جامعية وقوا.. في الوقت نفسه” و تقوم بتشغيل ١٠٠ طالبة يوميًا وتشير إلى الأسعار وتضيف “هناك شخص مسؤول علينا ويعطينا الأوامر لتنفيذها”، ويشير المراسل إلى “المثلية” بين الطلبة! و اللقطة – الكارثة لقطات مموّهة داخل غرفة ضمّت (طالبة) جامعية و (زبون)، كيف تمّ التصوير ، هل هناك كاميرا خفية لتوريط الشابات وأُعطي المعد أو المراسل هذه اللقطات؟ هل يكفي الإنذار ومطالبة القناة “بالاعتذار من وزارة التعليم العالي وطلبة الجامعات العراقية كافة وإزالة المادة من القناة ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها” ؟ قبل سنوات هربت هالة سرحان، الإعلامية المصرية الشهيرة إلى خارج مصر بعد اتهامها بالإساءة إلى سمعة مصر في حلقة من برنامجها (ناس بوك) عن الدعارة مخافة أن يتم اعتقالها ومحاكمتها، وتم توقيف الإعلامية المصرية ريهام سعيد بعد انكشاف فبركتها لحلقة من برنامجها (صبايا الخير) والإساءة الى سمعة الآخرين..
هل يكفي الإنذار؟ وحتى لو اعتذرت القناة ورفعت التقرير المصور من مواقعها، فإنَّه انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب.إنَّ التقرير ليس تسقيطا للجامعات فقط إنما محاولة تسقيط المجتمع العراقي وتشويهه بالإساءة الى سمعة واحدة من أهم شرائح المجتمع لحاضر العراق وغده؟ كان من المفروض مطالبة القناة بإجراء تحقيق مع المعد والمراسل تشترك به نقابة الصحفيين وممثل عن وزارة التعليم العالي للتوصل إلى حقيقة التقرير وتوجيه عقوبات رادعة في حال ثبتت فبركتها أو اتخاذ إجراءات رادعة في حالة العكس.
هذه ليست المرة الأولى التي تسيء بها الفضائيات العراقية الخاصة إلى المجتمع العراقي عامة وإلى طلبة وطالبات الجامعات خاصة، إن حرية التعبير لا تعني التسقيط وحتى في ديمقراطيات عريقة مثل أمريكا والهند وفي أخرى تستحق التقدير مثل الكويت فإنّها تتوقف حين يخص الأمر سمعة البلد وأمنها الوطني. قطعا لا أطالب بالتستر على الفساد الإداري والمالي وعلى من أوصل البلد إلى هذه الفوضى ولكن بالابتعاد عن تسقيط المجتمع ودفعه إلى اليأس.