اطفال بلا حلم
نرمين المفتي /
حاولت لأسابيع أن أكتب تحقيقاً عن الأطفال في العراق، وفشلت.. المعلومات التي جمعتها واللقاءات التي أجريتها تكفي لتحقيق صحفي طويل، لا يتطلب سوى الجلوس إلى مكتبي لساعتين فقط لكتابته وإعداده للنشر. أعيد قراءة المعلومات وتقرير اليونيسيف الذي صدر الشهر الماضي والذي يؤكد أن طفلاً واحداً من بين أربعة في العراق يواجه الفقر والعوز، وأن ملايين الأطفال يعانون ندوباً نفسية بسبب العنف والنزوح ستلاحقهم طوال العمر. هذا التقرير من بين عدة تقارير نشرتها اليونيسيف بعد إجراء مسح ميداني. أعيد النظر إلى الصور، بعضها التقطتها بنفسي لأطفال الشوارع الذين يرتفع عددهم يوماً بعد آخر ولأطفال في مخيمات النزوح وآخرين في الأحياء العشوائية التي يطلق عليها اسم (تجاوز) برغم أن لبعضها أسماء، لا أعرف من أطلقها عليها، وصور التقطتها صديقة تعمل بالبحث النفسي للأطفال وتحاول جاهدة أن تجد حلاً أو بعضه لما تقابلها من حالات صعبة يومياً. وصور على الإنترنت مع تقارير لوكالات أخبار محلية على العنف الأسري الموجه للأطفال وأحياناً عنف شديد جداً، وصور التقطها الزميل كريم كلش الذي نذر كاميرته لتوثيق آلام لأطفال عوائل تحت خط الفقر.
أفشل في الكتابة لما أعانيه من وجع لا يحتمل، أرغمني على كتابته لأهميته، هؤلاء غد العراق، ويبدو أن لا جهة تفكر بهم جدياً! بحثت علّني أجد شرحاً رسمياً يرد أو يفسر ما جاء في التقارير الأممية ودراسات المنظمات الدولية، وفشلت. ولأن الانتخابات العامة باتت قريبة، تذكرت أنني لم أسمع في الانتخابات السابقة من أي مرشح أو مرشحة برنامجاً أو حتى وعوداً تنفذ للأطفال. في هذا الحيّز نفسه، كتبت مراراً عن مستقبل العراق الذي سيصنعه أطفال اليوم، أي مستقبل وربع أطفال العراق إما على حافة الفقر أو تحتها وخارج أسوار المدارس لايعرفون الحلم والألوان، أي مستقبل وعصابات منظمة تؤجر الأطفال من أهلهم وترمي بهم للتسول في الشوارع وللترويج عن المخدرات وحبوب الهلوسة، أي مستقبل ومواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب تنشرعلناً دعارة الصغار ولا شرطة إلكترونية لملاحقتهم ومحاسبة من يتاجر بهم؟
لابد من مراجعة لوضع الأطفال في العراق، لابد من الانتباه إلى مستقبل العراق، هل نجد جواباً؟ أشُك.