الأسئلةُ التي لاتجيبُ عنها المَدافع

679

د. علي الشلاه شاعر بابلي /

دائماً ما تصاحب المعارك، منذ السيوف والرماح والحجارة وحتى المدافع والقنابل النووية، معارك أخرى أخطر وأبقى تشكل زاداً جاهزاً لما مضى ولما يأتي من الحروب والنزاعات الدموية، وهي المعارك الفكرية والتاريخية والاجتماعية، وهي معارك تستمر تغلي في النفوس لدى المهزومين وربما لدى المنتصرين على حد سواء.
ومهما تكن فداحة النتائج فإن الأمم العظيمة والحيَّة هي الأمم التي تستطيع أن تقدم أجوبة شافية لما يعتمل في النفوس المجروحة والتي أخذتها الحروب إلى أماكن فكرية متطرفة وأشاعت فيها ثقافة قتل الآخر المختلف وفنائه وشيطنته.
وتزداد أهمية تلك الأجوبة كلما كانت الحروب داخلية وذات صلة بالعقائد والأديان والمذاهب وليست حروبا خارجية او على الحدود.
وهنا لابد من التوقف عند الأسئلة التي شكلت الدوافع الرئيسة لنشوء التنظيمات الدموية المتطرفة مثل القاعدة وداعش وأبنائهما مع ملاحظة التغيير والتطور الحاصل في وسائل التخاطب والتثقيف الفكري والاجتماعي.
فلن تجد اليوم، وخصوصاً من الأجيال الجديدة، من يقرأ او يصغي إلى خطابات مباشرة فجّة، وإنما يجب التوجه إليهم عبر الثقافة والفنون السمعية والبصرية وخصوصاً الدراما والسينما، والتي غدت ساحات رئيسة للحروب الفكرية وميادين حقيقية للرد على الحجج والأفكار المتصارعة، فقد شكلت هوليود مثلاً إحدى الساحات الرئيسة التي خسر العرب والمسلمون فيها معركتهم وقضيتهم الفلسطينية إلا باستثناءات قليلة، وصار التعاطف العالمي مع خصومهم.. وكذلك في تجربتنا العراقية الحديثة حيث قلبت بعض المسلسلات الدرامية العربية الحديثة ما يحصل في العراق إلى واقع مختلف وفَّر الذرائع حتى للإرهاب في جرائمه الكبرى ضد الأبرياء.
ولابد هنا من التأكيد على إنتاج وتقديم أعمال درامية رصينة عراقية ومشتركة مع الفنانين المصريين والسوريين والخليجيين لكي نعالج جذور مشكلاتنا ونعرِّف المتلقي العربي، وحتى العالمي، بما حصل وكيف حصل وقبل ذلك وبعده لكي نقدم له من نحن؟ لأن صورتنا لديه مشوشة في أفضل الأحوال.
وهذه هي أسئلة الثقافة والحضارة والسلام والتسامح والتعايش الدائم التي لا تجيب عنها المدافع.. وإن انتصرت.