الأهم .. دفع الخطر عنك !
عبد الحليم الرهيمي /
عرضت قناة الـ BBC في 5 أيلول الماضي مقابلة مع طبيب الأمراض السرطانية اللبناني المشهور والمدير الفخري لمجلس أبحاث السرطان الدكتور فيليب سالم والذي كان مرشحاً لتولي منصب وزير الخارجية اللبنانية في الثمانينات.
تناولت المقابلة في برنامج (المشهد) مواضيع وحكايا وذكريات عدة وكذلك أهم جهوده المتميزة في أبحاث السرطان والتي قربته لشهرتها وأهميتها من الرئيس الأميركي جيمي كارتر الذي كلفه بمسوؤلية الشؤون الطبية في الولايات المتحدة. ومن بين حكايا ذكرياته تحدث عن واحدة أرغمته على مغادرة لبنان والهجرة الى أميركا التي درس فيها الطب أساساً.
وملخص الحكاية التي تحدث عنها هي محاولة اختطافه وربما قتله في بداية الثمانينات عندما كان يعمل في بيروت.
وعن كيفية حدوث ذلك قال الدكتور فيليب: عندما كنت في منزلي الريفي في جبل لبنان لقضاء عطلة نهاية الأسبوع طرق الباب عليّ في المساء رجل لا أعرفه، وحين فتحت له الباب قال: أنا فلان الذي عالجته من السرطان وشفيت قبل عشر سنوات، وبعد أن تذكرته جيداً دعوته للدخول والحديث عن سبب مجيئه الى هنا وفي الليل معرضاً نفسه للخطر قال: أجابني الضيف أنه مكلف مع مجموعة بخطفي حين أنزل الى بيروت يوم الإثنين لتسليمك الى جماعة مسلحة في المنطقة الغربية وأنا منهم، أما سبب الخطف فهو المساومة عليك مع الحكومة اللبنانية والرئيس أمين الجميل صديقك لإطلاق سراح عدد من الأشخاص اختطفتهم مجموعة مسلحة من المنطقة الشرقية دون وجه حق.
وحين كلفت، من قيادة المجموعة، بالقيام بمهمة خطفك عند نزولك لبيروت قررت، وأنا الذي أعرفك جيداً، أن أخبرك، دون علمهم بالطبع، وأدفع الخطر عنك، وها أني جئت اليك كي اقترح عليك عدم النزول لبيروت يوم الاثنين موعد اختطافك! وحين سألت الضيف، قال الدكتور فيليب، كيف ولماذا تعرض نفسك للخطر، أجاب بصدق: دكتور إن رفع الخطر عنك وضمان سلامتك أهم من دفعه عني فأنت ثروة وطنية وإنسانية شفي وسيشفى إن شاء الله علي يديك مئات وآلاف المرضى بالسرطان.
وهنا غادر (الضيف) بعد عناق، وذهبت أنا للرئيس الجميل فأخبرته بما حصل وأستأذنته بمغادرة لبنان والهجرة الى الولايات المتحدة. وأنا أستأذن القارئ هنا لأتساءل: كم يحمل هذا الرجل من روح إنسانية ووطنية عالية ومن الوفاء، للحفاظ على حياة إنسان ذي كفاءة مهمة ومميزة ويمثل كذلك ثروة وطنية لبلده وللإنسانية!