الثقافةُ العراقية والهويةُ الوطنية

829

د. علي الشلاه /

عاشت الثقافة العراقية المفترضة بعد وفاة الرجل العثماني المريض مشكلات جوهرية طوال عقود عديدة وبتأثير بيّن حتى على تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى اليوم، وذلك عائد إلى العامل الرئيس في تحديد هوية الدول المتماسكة وهو جغرافياتها المكانية والسكانية اللتان اورثتا في الحالة العراقية ممالك وأمماً مختلفة وغنية في ثقافاتها وأديانها.

فالعراق القادم من الولايات العثمانية الثلاث الموصل، بغداد، البصرة عبر معاهدة سايكس بيكو سيئة الصيت والتي قسمت بلدان المشرق العربي وفق مصالح الدول المستعمرة وإنجازاتها الحربية وليس وفق الأسس الموضوعية لتلك المناطق والولايات التي يراد تحويلها إلى دول، ومن هنا برزت الأسئلة الكبرى لهويات هذه الدول التي كانت في الغالب عربية وإسلامية.

فالسلطات المتعاقبة في العراق مثلاً أهملت التاريخ العراقي القديم (البابلي والسومري والآشوري ) ولم يحضر منه الا الجانب الدعائي سنوات الستينات وما تلاها.

وظل التركيز على الهوية العربية التي وضعت في إطار معادٍ لكل الهويات الأخرى وخصوصاً الإسلامية التي عوملت على أنها انتماء سياسي محض العداء التام في العقود الأخيرة خصوصا بعد الثورة الإسلامية في ايران.

ان الثقافة العراقية اليوم وهي تواجه لأول مرة حالة الحرية الفكرية بحاجة إلى وقفة جدية لتحديد سماتها الرئيسة التي نشأت على هذه الأرض دون تعارض أو تضاد ودون الخلط بين الديني والثقافي فيها وبما يحقق هوية متينة تكون الأساس الصحيح لهوية وطنية جامعة يحق لكل مواطنيها الافتخار بها واحترامها قبل ذلك.

العراق ليس بئر نفط فقط بل هو ثقافات وحضارات قل نظيرها ولابد لنا أن ننطلق منها دون خلط في وظائفها وإقحام العقائد فيها.