الحلم:تبليط

812

نرمين المفتي /

لا اعرف كيف اصف شعوري وانا اشاهد لقاء مواطني بوب الشام مع السيد رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، حين قال والد شاب بأن حلمه هوالتبليط، ليضيف رجل كهل “التبليط حلمنا كلنا”.. ماذا جرى لنا ، كيف اختصرنا الحلم في حق من الحقوق الاساسية لحياة كريمة وهوالتبليط.

مرغمة اتذكر نكتة سوداء تقول: سأل اوربي عراقيا ما هي أحلامك؟ وكان جوابه ان أعيش بأمان ويكون عندي دخل شهري ومسكن وتيار كهربائي مستمر، ليعلق الاوربي قائلا بأنه سأله عن احلامه وليس حقوقه كمواطن! في الدول التي يدفع فيها المواطن ضريبة، الدولة توفر رغما عنها حقوقه ويخاطبه الشرطي في الشارع سابقا اسمه بالسيد اوسيدي، وفي حال اي خلل بسيط في حقوقه او في تعامل شرطي المرور معه، فانه يحذره بأنه دافع ضرائب.. وبالحجة نفسها، يحق لأي مواطن هناك ان يحاسب الحكومة اذا ما تلكأت في مشروع اوفي وعد اوفي صرفيات غير مجدية ويسأل اين ذهبت اموال الضرائب، علما ان في تلك الدول هناك ضمان صحي وضمان اجتماعي ورواتب تخصص شهريا للعاطلين عن العمل، وغالبا تزيد هذه الرواتب عن الاجور الدنيا التي سيستلمها العاطل في حال عمله، فضلا عن ان في تلك الدول مشاريع اسكان حكومية لذوي الدخل المحدود وبإيجارات قليلة، فقط لتوفير عيش كريم للإنسان الذي يعتبرونه قيمة عليا..

ان يكون التبليط حلما، فانه حلم ناقص، الحلم الكامل هوالتبليط الحقيقي.. اي التبليط على أسس هندسية ومهنية تامة. طريق بغداد- كركوك، للمثال وليس الحصر، شاهد على التبليط غير الهندسي، دون تسليح ومواد تستخدم بحساب الكميات، خاصة وان الشاحنات تستخدمه على مدار اليوم، الطريق هذا يبدوفي بعض أجزائه وكأنه سكك حديدية! بسبب ثقل الشاحنات الذي تتسبب في تخسفات وارتفاعات، والسائق الذي لا يحفظ أماكن هذه التخسفات يواجه الحوادث، وبعضها خطيرة جدا.
طبعا من البطر ان أطالب بالتحقيق عن المتسبب اوالمنفذ لهذا التبليط السيئ الذي اذا سألنا سنكتشف ان تكاليفها بمئات الملايين، وهناك في الآونة الاخيرة من يدفع لاستخدامه هذا الشارع. مرة اخرى، في الدول التي يدفع فيها السائق اجور استخدام الطريق والذي يسمى (toll road) اي طريق برسوم مرور، يكون طريقا ذَا تبليط ممتاز ولا يشكوالزحام وقسم من رسوم المرور تستخدم يوميا لادامة الطريق..قطعا هذه رفاهية لا يحلم دافعوالرسوم هنا.

وجع ان يختصر التبليط احلام الآلاف من ساكني منطقة سكنية، علما بأن بوب الشام والحسينية ليستا بمنطقتين جديدتين، ولا نعتقد ان فيهما الكثير من العشوائيات المنتشرة ليست في بغداد انما في كافة المحافظات، واتساءل كيف هي شوارع هذه العشوائيات؟ والحلم، قطعا هوالجواب.. واكرر سؤالي ماذا حدث معنا؟ هل نحن من يرضى بأحلام صغيرة، ام أن هناك من أرغمنا ان نصغرها؟