الذي لم يغادرنا

184

نرمين المفتي/

نصب محمد غني حكمت (إنقاذ الثقافة العراقية) أصبح موقعاً لالتقاط صور تخرج الطلبة من الجامعات. لكن ما أزعجني هو عدم معرفتهم بصاحب النصب..
أقصد هنا بالذي لم يغادرنا، على الرغم من رحيله في 2011، شيخ النحاتين العراقيين (محمد غني حكمت)، الذي منحت أعماله بغداد جمالاً مميزاً، وأصبحت معالم يبحث عنها القادمون إليها، بل إن نصبه (إنقاذ الثقافة العراقية) أصبح موقعاً لالتقاط صور تخرج الطلبة من الجامعات. ولطالما صادفت طلبة قادمين من ديالى وبابل وكركوك لالتقاط صورة التخرج، لكن ما أزعجني هو عدم معرفتهم بصاحب النصب وماذا يعني..
اشتغل محمد غني على النصب في 2010 وجرى افتتاحه في 2013 وأطلق عليه اسمه بعد ان أتعبته ظروف العنف حينها، موجهاً نداءه لإنقاذ الثقافة العراقية، وأصر أن تنقش عليه بالخط المساري جملة تقول (من هنا بدأت الكتابة)، وأصر حكمت أن يكثر الأيدي التي تحاول إنقاذ الختم الأسطواني من الوقوع، في محاولة الإشارة إلى التنوع الإثني والديني في العراق. أذكر محمد غني، الآن، بمناسبة المعرض الاستعادي المقام له، في قاعة(ذا غاليري) بالتعاون مع ابنه ياسر وابنته هاجر، حيث عرضت أعماله التي بقيت في بيته ومشغله بعد أن سرقت أعماله المهمة (150 عملاً) من متحف الفن الحديث في نيسان 2003.. حينها قال بحزن إنه عاد إلى العراق فوراً وكان في زيارة ابنته، وتوجه إلى المتحف وأبكاه المنظر حين شاهد عسكرياً أميركياً يقف عند بوابة المتحف، وسأله لماذا لم يقوموا بحماية موجودات المتحف، وكان جواب ذلك الجندي بأنها ليست مهمتهم..!
لا يسمح لي هذا الحيز بكتابة الكثير عن محمد غني حكمت الذي عرفته عن قرب، لكن لابد من الإشارة إلى عمله (درب الآلام)، المكوّن من 14 قطعة من النحت البارز على لوحات موجود في كنيسة الصعود في بغداد، الذي أنجزه اثناء قصف بغداد في 1991، وفيه ألبس السيدة العذراء عباءة وقال إنها “كانت من منطقتنا ولابد ان تشبهنا في ملامحها وملابسها.” كتب بخط يده أنه عراقي بغدادي كرخي، واستمر معتزاً بهويته هذه وعمل على نشرها في أعماله المنتشرة خارج العراق، ومن بينها (بوابة السلام) في مقر اليونسكو في باريس..