القروض المنتجة
حليم سلمان
نتفق على أن القروض المالية المقدمة للمواطنين في العراق، من قبل المصارف، تعد من الأدوات الاقتصادية الفاعلة في تحقيق فوائد كبيرة، إذا جرت إدارتها بشكل صحيح، في نفس الوقت، قد تسبب ضرراً إن أُسيء استخدامها. وبطبيعة الحال فإنها، وأقصد القروض، تسهم في تنويع الاقتصاد (مصادر الدخل)، وتعالج الاعتماد على الريع النفطي، من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي بدورها تسهم في خلق فرص العمل وزيادة الإنتاج وسرعة دوران رأس المال، بالإضافة إلى تحسين المستوى المعيشي، وتمكن الأفراد من تلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل شراء المنازل، أو السيارة، أو تغطية تكاليف التعليم والصحة، فضلاً عن تمويل المشاريع.
القروض تسهم في دعم المبتكرين وأصحاب الأفكار الاستثمارية، الذين لا يمتلكون تمويلاً كافياً، ولاسيما أن هذه القروض قد ساهمت في تنمية المناطق الريفية وتطوير القطاع الزراعي ودعم الفلاحين لشراء المعدات والبذور وتحسين الإنتاجية، وكذلك تمويل مشاريع البنية التحتية وإعادة إعمار المناطق المتضررة.
وتأكيداً لمسار تغيير بوصلة القروض من استهلاكية إلى إنتاجية، أطلقت الحكومة (المبادرة الصناعية) للمشاريع الكبيرة، ذات الجدوى الاقتصادية الطويلة الأمد لتطوير الصناعات الستراتيجية لسد حاجة السوق من البضائع، أو للتصدير خارج البلاد، وبذلك تسهم في توفير العملات الصعبة التي قد تذهب سدىً نحو الاستيرادات العشوائية.
يأتي هذا التوجه بعد أن كانت القروض تمنح بشكل عشوائي، فتسببت بأضرار، إذ لم يُحسن المقترض إدارتها، مع الفوائد المرتفعة التي تضر المواطن وتضعه في دوامة الديون والأعباء المالية، ما يؤدي إلى تدهور المستوى المعيشي، وذلك لاستخدامات استهلاكية عشوائية غير ضرورية، ما يفقدها قيمتها الاقتصادية ويزيد من الضغط المالي على المقترض.
وبالرغم من أهمية القروض، إلّا أن عدم تمكن المواطن من السداد، بسبب سوء التخطيط أو الظروف الاقتصادية الصعبة، يضعه بمواجهة عواقب قانونية أو مالية. قيمة الفوائد تبدو عالية على القروض، خصوصاً التي تمنح من قبل المصارف الأهلية، بحجة الخوف من حالات التعثر في السداد، فيما يتردد المواطن في المضي بالحصول على القرض، رغم حاجته، بسبب (الفوائد) غير المعقولة.
وحسناً فعلت الحكومة بتسهيل عملية الحصول على (القروض) المنتجة والموجهة، بفائدة معقولة وبأقساط مريحة تتناسب مع قدرة المواطنين على السداد، لتحقيق التوازن بين الدخل والحاجة.
ومن هنا أصبحت المصارف، حكومية أو أهلية، مسؤولة عن بث الوعي وحماية الأفراد والدفع نحو القروض (المنتجة) التي تدعم المشاريع الإنتاجية بدلاً من الإنفاق الاستهلاكي. وتقع على عاتق الصحافة والإعلام الاقتصادي المساهمة في هذا البرنامج، ودعم توجهات الشباب نحو ريادة الأعمال وتقديم المشاريع التي تتوفر فيها الجدوى الاقتصادية، خصوصاً الصغيرة منها، لفتح أبواب من العمل قابلة للتطور في المستقبل القريب، وقادرة على استيعاب مزيد من فرص العمل.
كذلك نرى ضرورة أن تكون القروض أداة ذات منفعة من خلال استخدامها بوعي وتوجيه صحيح، وبعكسه قد تصبح عبئاً ثقيلاً إذا لم تُدَر بحكمة ومهنية.