الكرم صنع في العراق

816

#خليك_بالبيت

مدير التحرير /

استطلاعات أجرتها مؤسّسات عالمية منها مؤسّسة ” caf” الخيرية بمشاركة أكثر من 140 دولة أكدت أن العراق هو البلد الأكثر كرما مع الغرباء على مستوى الدول العربية والعالم، على الرغم مما يعيشه من أزمات وويلات الحروب والحصارات ونكبات الفساد التي عاشها ومرّ بها إلى يومنا هذا، والتاريخ لا يمكن أن يتجاهل أو يتغاضى عن مواقف الجيش العراقي في جبهات الدول العربية وإلى اليوم مقابر أبطالنا الشهداء شواهد ساطعة لتضحيات وجود العراقيين في تلك الدول، الذين عملوا بشعار الشاعر قولا وفعلا “الجود بالنفس أقصى غاية الجود”، في زمن كانت مواقف العرب مع العراق يندى لها الجبين وعلى سبيل المثال لا الحصر موقف عبد الناصر المعادي من ثورة 14تموز، وموقف الرئيس الجزائري بن بلا من نكسة شباط 1963 وتناسى أن عبد الكريم قاسم هو من مدّ الثورة الجزائرية بالمال والسلاح، وبمناسبة زيارة المناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد إلى العراق تجوّل معها الزعيم في بغداد وتيمنا باسمها أطلقه على أحد أحياء بغداد، ووقوفنا معهم في سوريا ومصر والاردن وفلسطين لكنّهم ردّوا عليه بالمفخخين والمفخخات، وما مساندتهم للإرهاب والإرهابيين ضدّ الشعب العراقي الا دليل قريب ومعيب، لنصرخ بوجوههم صيحة العراقي بعناده وعشقه لبلاده وبديدنه المعهود “ليس الجود أن تعطيني ما أنا أشدّ منك حاجة إليه، وإنّما الجود أن تعطيني ما أنت أشدّ إليه حاجة مني” وهذا مافعله العراق مع العرب على مرّ العصور والدهور بالضدّ منهم وكما قال الشاعر وكأنّي به لسان حال كل عراقي:
إنّ الكريمَ ليُخفي عنكَ عسرتهُ…. حتى تَراهُ غنياً وهو مَجْهودُ …
وللبخيلِ على أموالهِ عللٌ …. زرقُ العيونِ عليها أوجهٌ سودُ
نحن هنا لسنا بصدد التباهي على الغرب والعرب بجود الإنسان العراقي وكرمه الذي لم تعلمه له الدولة او الحزب او المدرسة لكنّه يسري بدمه الحار، بالحليب الذي رضعه من حنين أمه و(دلول كاروكها وملح كاعها) وشموخ نخلاتها، وعذوبة هوساتها، ونقاء دمعاتها، وحسرات أزماتها، نعم هنا صناعة الجود والكرم.
وهاهم العراقيون بمباركة مراجعنا الدينية يرفعون رايات الجود والكرم على أعلى زقورات العالم في ما بينهم بعد أن فرض فايروس كورونا حظر التجوال على مدنهم ليتسابقوا كتسابقهم في ساحات الوغى لنجدة أبناء جلدتهم من العوائل المتعفّفة، فهذا في سلة غذائية وثان بوجبة عشاء وثالث بطبقة بيض ورابع بمبلغ مالي، وكيف أنسى مالك الدار أبا عبد الله وهو يطرق بابي ليقول لي بخجل: (أبو عابدين انطيني نصف الإيجار هذا الشهر) وبالتأكيد هنالك الكثير من أمثال هذا الرجل، على الرغم من كونه شرطياً في الحمايات وسيد مصطفى صاحب المولد الذي حوّل سعر الامبير من 20 ألفاً إلى خمسة آلاف بل أغلب أصحاب المولدات أعلنوها مجانا ولا ننسى التجار وتبرعاتهم، ولا ننسى أبطال البدلات البيض وسهرهم وتصديهم لهذا الوباء وتضحيات قواتنا الأمنية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي وإعلامنا الوطني، والصور والحالات المدهشة كبيرة وكثيرة أظنها تفوق نفوس العراق عدداً لنقول للعالم أجمع: أنا العراقي الا من مبارز في ساحات الجود.

 

النسخة الألكترونية من العدد 358

“أون لآين -3-”