المثقفون العرب.. والسقوط بامتحان خاشقجي

756

د. علي الشلاه /

لم يرتبك المثقفون والإعلاميون العرب في العقد الأخير اكثر من ارتباكهم في قضية اختفاء الكاتب السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده اسطنبول.
لقد استقرت ولاءات المثقفين العرب- إلا ما ندر- تبعا لعوامل مصلحية او طائفية او جهوية وإقليمية او قبلية حتى ، وكان تعبيرهم عن الأحداث ينبع من هذه الأمور حتى في الأحداث الجسيمة مثل المأساتين السورية واليمنية دون مراعاة الجوانب الإنسانية المفترضة لدى البشر الأسوياء.

والسبب في ارتباكهم وافتضاح بعضهم هو تناقض الرواية السعودية للحدث وتقلباتها الغريبة، فقد بدأت المواقف الثقافية والإعلامية منحازة للعوامل السابقة فمرتزقة السعودية نفوا وشككوا عندما نفت وشككت وكالوا التهم لتركيا وقطر وايران وحتى ترامب، لكن السعودية سرعان ما اعترفت اعترافا ناقصا احرجهم وفضحهم وتركهم عراة أمام الشمس.

وأيا يكن رأينا بالسيد خاشقجي وآرائه ( وقد اختلفنا مع غالبية طروحاته عندما كان حيا ) لكن هذا لايجعلنا نغادر انسانيتنا ونؤيد القتلة وندعم رواياتهم المهلهلة.

ان جوهر قضية خاشقجي يمس جوهر حرية التعبير في العالم العربي وفي السعودية تحديدا ، ولأن حرية التعبير لا تتجزأ في العالم كله فإن قضية اخراس خاشقجي تمس حرية التعبير في العالم كله وقد تفاعل معها الأحرار في العالم كله دون النظر إلى نوعية الآراء التي كان يكتبها والتي كانت في مجملها قريبة من طروحات النظام السياسي في مملكته.

نعود للمثقفين والإعلاميين العرب بعد آخر رواية سعودية للحدث المأساوي لنجدهم قد صمت بعضهم، وهم المنحازون ابتداء ، على مضض في حين أخذت المرتزقة منهم العزة بالإثم وتصاعد سقوطهم مع تصاعد الحرج السعودي أمام العالم فهؤلاء المرتزقة اعتبروا ما حصل لخاشقجي موسما للارتزاق قد لا يتكرر قريبا.

الثقافة العربية الرسمية والإعلام العربي الرسمي والارتزاقي قد تعفّنا ويجب أن يدفنا مع جثة خاشقجي- ان بقيت للمسكين جثة- لأنهما سقطا في الامتحان الأخلاقي الذي يبرر إنسانية الإنسان.