المثقّفون.. في مواقع المسؤولية

439

د. علي الشلاه شاعر بابلي /

أعاد اختيار وزير الثقافة العماني هيثم بن طارق لتولي سدَّة السلطنة وقبله انتخاب رئيس تونس الجديد الأكاديمي الدكتور قيس سعيد السؤال الخطير المتكرّر عن دور المثقّف في السياسة والحياة العامّة بشكل أشمل، فقد حاول عدد غير قليل من المثقّفين العرب – ومنهم العراقيون طبعاً – لعب دور تنويري في تجارب الحكم العربي الجديدة لا سيما بعد ثورات وانتكاسات الربيع العربي، وعلى الرغم من أنَّ لكل بلد عربي ظروفه ومشكلاته الا أنَّ مشكلات المجتمعات العربية وحتى الإسلامية مشكلات ثقافية في جذورها وجوهرها ولا يمكن لسياسي يتمترس خلف آيديولوجيا واحدة ولا يقبل غيرها أن يكون جسر حلّ لهويات مذهبية ودينية وعنصرية.
ولعلّ التجارب العربية المشار إليها أعلاه لم تعطِ المثقّف سلطة مبسوطة اليد استناداً لتجربة عدد غير قليل من المثقّفين العرب المعروفين الذين تولّوا وزارات الثقافة وغيرها من الوزارات ودخلوا العمل البرلماني الواسع، لكنّهم صدموا بآليات السياسة المتخلّفة المبنيّة على شعبوية زائفة لأفكار تتأرجح غالبيتها بالقرون الوسطى حتى اليوم.
إنَّ الحلّ كما أسلفت كامنٌ بالثقافة وعلى المثقّفين العرب أن يعيدوا النظر والمحاولة بمن تقدّم أو بأوجه جديدة تكسر قاعدة النخبوية المعزولة وأن يقدّموا صياغة واضحة محكمة لثقافة التسامح وقبول الآخر بوصفها مشروعاً متكاملاً (مهتمّاً بخصائص كلّ بلد عربي حسب واقعه)، مشروعاً قابلاً للتحقُّق وقمراً منيراً في آخر النفق الذي طال وغار وارتبكت اتجاهاته. وذلك من وجهة نظري هو الحلّ الوحيد.
لا أقول ذلك محبطاً ولا واضعاً العثرات أمام السلطان العماني المثقّف؛ فهو بحمد الله قد تسنّم تجربة مستقرة سياسياً وتقبّل الآخر إلى حدّ بعيد، وذلك خط الشروع الصحيح.
أما تونس فلها حديث آخر.