الموصل لن تحتل مرتين

718

اياد عطية الخالدي/

يمثل حدث تحرير الموصل بأبعاده الإستراتيجية والجيوسياسية انعطافة حاسمة في تاريخ البلاد والمدينة معا، فبعد سنوات الحرب والدمار والصراع مع هذا التنظيم المتطرف سيكون بوسع العراقيين الخلاص من الإرهاب وطرده الى خارج حدود الوطن بلا رجعة ان شاء الله.

ولن يكون بوسع خلايا التنظيم النائمة والمتخفية ان تعيد العراق الى الوراء وهي ترفس رفسة الاحتضار، إذ ان أوراق لعبتها تناثرت ولم يعد الناس أسيري أفكارها التي لاتجلب سوى الدمار والخراب لمن يتورط بها.

لقد ظلت الموصل ولعقد كامل واحدة من اهم مسارح التنظيم واكثر المدن ابتعادا عن حضن الوطن وان انتشرت فيها قوات مسلحة اثبتت فشلها عسكريا وسياسيا، لاسيما وان الموصل عانت من التدخلات الخارجية ولم يتمكن أهلها من قيادتها.
ويمكن القول في المحصلة ان اربع جهات كانت تتنازع السيطرة على الموصل، كانت من بينها «داعش» لكن حلفاء تركيا المنخرطين في أجواء عملية سياسية لايؤمنون بها، هم أصحاب الكعب المعلى وهم من اختطف المدينة وجعل الجيش العراقي غريبا في دياره، فضلا عن ان هذا الجيش كان مخترقا وقادته في الأغلب فاسدون، ولهذا لم يكن ليصمد أمام هجوم سهلت مروره القوى الأكثر سيطرة وفاعلية في الموصل.

مع تباشير النصر علينا ان نستعيد ذكرى الموصل السليبة قبل ان يدنسها «داعش» وحتى بوجود الجيش العراقي، لقد شكا ساسة وطنيون وقادة عسكريون من ان الموصل ليست سوى مرتع لقوى مناوئة للعراق لاسيما الجانب التركي الذي تزعم حلفاؤه ادارة المدينة، ولهذا من العبث ان تذهب التضحيات سدى لنسلم الموصل لمن لايؤمن بعراقيتها.

لن تكون الموصل الا عراقية هكذا يردد القادة في بغداد وبينهم رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وهذا مايريده العراقيون ومايريده أهل الموصل الذين ذاقوا الأمرين قبل داعش وبالاحتلال الداعشي، فالموصل كانت مستلبة الارادة وضحية سياسات ابعد ماتكون عن الوطن وعن خدمة الموصل وأهلها.

الحكومة العراقية ينبغي ان تدرك عظم مسؤوليتها بعد التحرير وهي مسؤولية لن تقل اهمية عن التحرير والخلاص الذي دفع العراقيون الدماء الزكية انهارا حتى بلوغ هذه اللحظة الحاسمة في تاريخ العراق والموصل، وان اصحاب الأجندات المعادية للوطن أمام خيارين، إما العودة الى احضان الوطن ليمارسوا دورهم كأي عراقي أو ان يواجهوا عواقب افعالهم، إذ لن يسمح العراقيون بإعادة عقارب الساعة الى الوراء، فهنا دم وحرب ورجال وهنا رؤوس هوت حتى ارتفعت سارية علم العراق التي لن يسمح المحررون لتلك الجهات ان تنكسها لصالح أطراف معادية للعراق.