امتحانٌ لابد منه.. للنواب!

997

عامر بدر حسون/

شغل البرلمان نفسه، وسيشغلها مستقبلا، بتحديد المواصفات والمؤهلات الدراسية لمن يريد أن يصبح نائباً، وهي مواصفات ستزداد صعوبة وتنوعاً، وقد تُطلب يوماً من كل من هو مقدم على الزواج او الطلاق، لأنهما أصعب من البرلمة!

غالبية نوابنا يعتقدون أن مشكلة البرلمان والبرلمانيين هي في الشهادة الدراسية التي يحملها النائب، لذلك اتفقوا أن تكون الشهادة الجامعية هي الحد الأدنى للمعرفة الأكاديمية التي ينبغي أن يتمتع بها المرشح للنيابة.

***

أعتقد أن غالبية نوابنا لا يعرفون شيئا عن مؤهلات رؤساء ونواب العالم من الناحية الدراسية.. وهم يعتقدون أن المطالبة بالكناسة والحراسة (يعني الخدمات) تتطلب شهادة دراسية عليا في الكيمياء او الرياضيات او الشعر الجاهلي لأنها مقياس أكيد في العمل النيابي الناجح.

***

بعض البرلمانات، في سبيل المثال، تطلب من النائب أن يكون ملمّاً بالقراءة والكتابة كحد أدنى، وللتأكد من قدرته وعدم قيامه بالتزوير اشترط القانون أن يقوم بكتابة طلب ترشيحه أمام لجنة قبول بنفسه وبخط يده كي يتأكدوا أنه قادر على الكتابة!

ويشترط نظام الحكم في السودان حتى الآن أن يكون رئيس الجمهورية ملمّاً بالقراءة والكتابة برغم أن الرئيس الحالي للسودان يقرأ ويكتب وعنده شهادة جامعية!

ولقد حكم بلدان كبيرة أصحاب مهن تحتقرها ثقافتنا وهذا يشمل أميركا التي حكمها مرة صباغ أحذية سابق هو (لندون جونسون) وحصل شيء مثل هذا في البرازيل او الأرجنتين وغيرهما من الدول.

***

وذات مرة ألحّ انصار أبراهام لنكولن عليه أن يرشح نفسه للرئاسة فرفض قائلا إنه ليس خبيرا في علم الاقتصاد او العسكرية او الإدارة وغيرها، فشكاه أنصاره الى امّه التي قادتهم وذهبت للنكولن وسألته:

هل ئتربيتك؟ وهل لديك ضمير؟

فقال لها: من هذه الناحية.. نعم!

فقالت له: رشح إذن، فالرئاسة لا تحتاج الى شيء مثل حاجتها للضمير! وهكذا أصبح لنكولن محرر العبيد في اميركا وأحد اهم الرؤساء في التاريخ!

***

وكان برلماننا عند تأسيس الدولة العراقية فيه الكثير من الشخصيات المهمة التي كان كل تحصيلها الدراسي انها تجيد القراءة والكتابة.

وبعيدا عن العالم وأيام زمان (واستنادا لمستوى النقاشات والتصريحات السياسية التي يطلقها نوابنا) أرى أننا بحاجة الى اختبار النواب الجدد في أمر واحد، مهما كانت حقيقة شهاداتهم ومستواها.

هدف الاختبار او الامتحان التحريري الذي لابد منه، هو التأكد من معرفتهم بالدستور الذي ترشحوا على أساسه!
فلو حفظوا الدستور وعرفوه لما سمعنا منهم تصريحات عن ضرورة إلغاء العملية السياسية او المطالبة بنظام رئاسي او المطالبة بتعديل الدستور والكثير من الهراء السياسي!

كل من قرأ الدستور يعرف أن هذه من المستحيلات.. تماما مثل استحالة التأكد من ضمير المرشح او حقيقة شهادته الدراسية