انتصرنا

620

محسن إبراهيم/

كان الموعد معلناً ساعة النصر، أجواء مشحونة ممزوجة بالفرح والقلق في ظروف غير عادية عشناها على مدى ثلاث سنوات ، لكن هناك موقفاً موحداً هوانتظار وصول الأبطال إلى آخر نقطة في الموصل . إنه شعور الفخر والاعتزاز بهذه الأُسود التي زأرت في هذه الليلة لتنقضّ على ماتبقّى من خفافيش الظلام . أعيننا تسمرت على شاشة التلفاز تراقب مراسلي العراقية الفضائية وهم وسط الدخان والنار, الليل والنهار سيّان لديهم, عيونهم ترتقب وقلوبهم تخفق للآخرين من حولهم من نسوة وشيبة وأطفال ، لحظات تختزل السنين العجاف، ورجال تتطلع الى لحظة الوصول والشعور الكبير بلذّة الانتصار. سنوات ثلاث بساعاتها وأيامها وأسابعيها وشهورها قضاها هؤلاء المراسلون خلف عدسة الكاميرات، يبثون الأمل ومشاهد الانتصار, تزيّنت صدورهم بوسام الجرح والشهادة , ولسان حالهم يقول إنه مهما طال الليل فإن فجر التحرير آت، ليعلن ميلاداً جديداً, فجرالنور الإنساني, فجراً صنعته الأجيال وسواعد أبناء الحضارات, يتلو معناه فيورق الإبداع بسخاء, لتتنفس رئة الأرض هواء الانتصار وتزرع بذور الحياة المفعمة بالضوء لتتلو حكاية يتخطى تأثيرها المكان ويتحدى عمرها الزمان, حكاية تخاطب النفس والروح بأسلوب خاص. في الجانب الآخر هناك أجواء مليئة بالوهن, خفافيش ثرثرتهم أكثر من إنصاتهم في أجواء من الجدل العقيم يتفقهون، يختبئون خلف جدران الكيبورد يحبطون عزيمة الآخرين. فكان الرد أن لا شيء يجعل الإنسان يتحدى المستحيل إلا الحب، حب الأرض والوطن، فالحب يُخرج أجمل ما في الإنسان على عكس ما تفعله الحرب حين تخرج أسوأ ما فيه, والحرب لا توقف الحب بينما الحب قادر على أن يوقف الحرب. المراسلون والمصورون والفنيون في قناة العراقية، جنود مجهولون جعلوا الوطن في حدقات أعينهم فكانت المكافأة قبلة على جباههم من أم موصلية قالت بصوت يرتعش من لذة النصر: (انتصرنا).