“بعد تحقيق الانتحار، اشحذ سكينتك”
جمعة اللامي /
( آل كابوني )
قبل سنة 1921، وبعد هذه السنة أيضاً، كان ألفونس غابرييل كابوني، المهاجر الإيطالي إلى أميركا ورجل شيكاغو القوي، المهرِّب، رجل الظل، كبير مُتَّجري الدعارة وصناعة الكحول سرّاً، أقول: قبل هذا كله، وغير هذا كله من أحطّ الأعمال، كان موجوداً في العراق، وكان باسم مختلف سترونه في النهاية. وفي كل نهاية تعودت، أنا، بصفتي كاتباً قصصيّاً، أن أعود إلى البدايات، فهي تلقي الضوء على ما قبل النهايات، وما بعد النهايات كذلك، حتى نصوّر العبرة المستقاة من ما قبل البدايات، وحتى البدايات والنهايات وما بعدها، فاعتبروا يا أولي الألباب.
كانت البداية سهلة، وفي متناول أي يد، لكنها كانت بداية قذرة، ثم بدأت تتركّب وتتصعّب، حتى صارت معقّدة، وتحولت إلى عصابة ثم صارت منظومة اجتماعية لها زعامتها، وعندها مريدوها، ثم تمركزت في عائلة، هي بمثابة حزب، أو طائفة، أو “تآلف” عصابات وفرق، ثم صارت آلة للقتل يناصرها إعلام موصوف، ويروج لها عدد أكبر من شركات السينما في الولايات المتحدة الأميركية.
والأخطر من هذا كله، ولاسيما بعد أن استوردت الفئات والشرائح غير المتعلمة، وناقصة الكرامة، والمتعودة على عدم النزاهة، وعدم الغيرة والمروءة في البلدان العربية، تراث آل كابوني، تحولت “الدولة الوطنية” إلى مزرعة خاصة للسيد ألفونس غابرييل كابوني.
وهذا – تماماً، هو ما قدمته المشهديات العراقية ما قبل سنة 1921 بقرون، وما بعد ذلك بعشرات السنين حتى اليوم. وبعودة حتى لو كانت سريعة إلى الأرشيف، أرشيف الجميع، سنرى ذلك واضحاً ومعلناً وصريحاً في أشخاص وأحزاب وطوائف، ودماءٍ غزيرة. فلقد شحذ الجميع سكاكينهم على شعب خُدع بأقوالهم وشعاراتهم.
كان ذلك ـ وما يزال، ما أُسميه: آل كابوراقي.
الصورة لا تحتاج الى تكبير: آل كابوراقي بيننا!