بغداد .. وعمارتها

391

د. علي الشلاه شاعر بابلي /

لم تحض الرؤية العمارية البغدادية السائدة منذ بدايات القرن العشرين، والمرتكزة على المعطيات التاريخية والبعد المناخي العراقي الحاد، مشفوعة بإطار جمالي أخاذ، هذه الرؤية تعرضت لتجاهل كبير في تصميم البيوت والمباني منذ سبعينيات القرن الماضي وغابت معالمها، إلا ما ندر، من بيوت لشخصيات ذات اختصاص ثقافي أو قريبة من الثقافة .
ونبتت العمارات الشاهقة في كل مكان في المدن وحتى القرى العراقية بناء على فكرة العلو والضخامة الإسمنتية المبالغ فيها وكأنها تخشى الخراب في أية لحظة .
ولعل مراجعة بصرية لبغداد القديمة تعكس تتمة المأساة، حيث تختفي كل البيوت القديمة وتهدم وتتلاشى بطرق مشروعة وغير مشروعة بحثاً وراء ربح تجاري واستغلال جشع للمكان البغدادي على حساب الجمال والفن .
وبين آونة وأخرى نتفاءل مع ترميمات تطلق هنا وهناك لإعادة الاعتبار للبيوت والمباني التراثية، ولاسيما في شارع الرشيد وضفتي دجلة، إلا أن بطء التنفيذ واستمرار الاعتداء والهدم في بيوت أخرى سرعان ما يشيع فينا الإحباط والنكوص.
وقد يظن بعضنا أن هذه المسألة ليست ملحّة ولا هامّة في هذا الظرف العراقي المرتبك، لكن هذا البعض يتجاهل أن ظروفنا كانت مرتبكة منذ نصف قرن، وقد لا تستقر قريباً، لذا لابد من إيلاء الأشياء جميعها الاهتمام اللازم.
إن عمارة بغداد جزء هام من هويتها وهويتنا بالتالي، ولابد من أن ننتبه لما بقي منها قبل فوات الأوان .