تقاعد بثلاثين يوماً
#خليك_بالبيت
يوسف المحمداوي /
تقول الحكاية الأسطوريَّة: إنّ أحد البدو وجد الـ (لام) والـ (حاء) والـ (باء).. مرميّة على جانب الطريق.. أخذها ووضعها في خرجه: جمعها أوّل مرّة و(حَلَبَ) ناقته.. وجمعها مرّة أخرى وأكل الـ (بَلَحَ).. وبعد مدَّة اكتشف أنّه يستطيع أنْ يصنع منها الـ (حَبْلَ) الذي يجلد به خصومه ويقيِّد أعداءَهُ! اليوم المواطن العراقي وبالتحديد شريحة الموظفين والمتقاعدين من ذوي الشهداء وغيرهم بعد أن عجزوا عن إقناع الحكومة وبالتحديد المستشار المالي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح بعدم المساس بمرتباتهم يحاولون أن يسيروا على نهج ذلك البدوي ليجدوا عن طريق تلك الحروف الثلاثة ضالتهم، فجمعوا الحاء واللام ليبحثوا عن حلّ والباء استخدموها في برلمان ليستنجدوا به في حلّ برلماني، وهنا لا يقصد المواطن لا سامح الله حلّ البرلمان المقدس! وإنما يناشد من انتخبهم في إيجاد حلّ لحجم الكارثة التي وقعت عليه، ومن حق المواطن اليوم أن يسأل المستشار المالي: هل يعرف بأنّ أغلب الموظفين تحت رحمة المؤجرين أم إن داره الملك الصرف أنسته ذلك، ولنقل أنَّه يعلم؛ فهل سنّ في قانون التخفيض الجائر ما يلزم أصحاب العقارات بتخفيض مبالغ الإيجار؟ ومن أباح له المساس بمرتبات عوائل الشهداء؟ الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حماية العرض والأرض التي لا يمتلكون شبراً فيها، نعم إنَّ توزيع قطع الأراضي بين عوائل الشهداء عبارة عن أكذوبة كبيرة، وأكرّرها أكذوبة كبيرة لأنّي أخٌ لشهيدين وأبٌ لشهيد ولم نحصل للشهداء الثلاثة على متر واحد في هذا الوطن العظيم، وما زلت وبامتياز من القائمين على قيادة البلد أعيش تحت رحمة صاحب العقار كمستأجر، وأعود كمواطن عراقي متسائلا والسؤال لوزير المالية والسادة أعضاء اللجنة المالية في مجلسنا النيابي الموقّر ولجميع المسؤولين في هذا الوطن: هل يجوز صرف مرتب تقاعدي لمواطن خدم الدولة (30) يوما فقط كما هو الحال في مسرحية أعضاء مجلس الحكم وبمرتبات يندى لها الضمير الإنساني؟ وكذلك الأمر ينطبق على أعضاء الجميعة الوطنية وبرلمانيي الدورات السابقة، بالوقت الذي يقول فيه النظام الداخلي للمجلس بأنَّ العضو النيابي يتقاضى عن خدمته مكافأة وليس مرتّبا. فهل يعقل أن تبنى على المكافأة مرتبات تقاعدية، والأمر ينطبق على رئاستي الجمهورية والوزراء وما تتقاضاه تلك الجهات من ملايين الدولارات شهريا من دون مسوّغ قانوني أو أخلاقي، وهنا أعرج على مثال بسيط استشهد به من حوار مع نائب رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، إذ بيّن لي أنَّ الدورة النيابية في الدستور الفرنسي هي خمسة أعوام، وبعد نهاية الدورة يذهب العضو بعدها إلى عمله السابق، ولا يحصل أي عضو في الجمعية الوطنية على أيّ مرتّب تقاعدي إلا بعد فوزه بأربع دورات متتالية حينها يكون قد قضى في الخدمة عشرين عاما وبذلك يستحق المرتّب التقاعدي، ولا أدري كم يتقاضى غازي عجيل الياور، محمود المشهداني، الجعفري، المالكي وووووو(وعد وآنه أعد ونشوف يا هو أكثر فلوس)؟، فالأموال التي تسدّ عجز الموازنة أمام أعينكم وتعرفون خزائنها، فما لكم من مال مسروق عند الموظفين أصحاب الدخل المحدود، ولا عند ذوي الشهداء وتذكّروا يا أصحاب هذا القرار أن العراق بلد حمورابي صاحب القوانين والتشريعات العادلة وليست الباطلة، وختاما أقول لجميع السلطات التي تقود البلد: هل من العدل أن تطلب من الآخرين ما لستَ مستعدَّاً لفعله؟
النسخة الألكترونية من العدد 361
“أون لآين -4-”