جسر النسيان
نرمين المفتي /
قبل أن أغادر فانكوفر الكندية، نصحني الأصدقاء بضرورة عبور (جسر النسيان) الذي يجعل العابر فوقه ينسى كل همومه. اسم هذا الجسر (كابيلانو)، وهو على ارتفاع سبعين مترا فوق نهر كابيلانو ويؤدي الى الغابات المطيرة التي تعتبر محمية طبيعية وثروة قومية لارتفاع عدد السياح الذين يزورونها.
يعود تاريخ الجسر الى 1889 ، وصوت الصرير الذي سمعته مع اول خطوة ،والترنح، برغم تمسكي بالسياج، جعلاني اعتقد بأن الجسر بقي على حاله منذ انشائه دون أية إدامة. وبالفعل نسيت كل شيء، حتى التقاط صورة، وجلّ انتباهي كان ان أنهي الرحلة التي طولها مئة وخمسة وثلاثون مترا دون ان اسقط او أن ينهار الجسر، عند الخطوة الاخيرة توقفت لألتقط أنفاسي وانتبهت الى الجمال الذي يفوق الخيال. وما ان انتهت الرحلة، وبعد ان تأكد الذين نصحوني بوجوب عبوره بانني نسيت كل همومي، منحوني نصيحة اخرى، ان افكر بانشاء مثل هكذا جسر في العراق الذي يحتاج هو وشعبه الى النسيان يوميا. ولكن هل نحتاجه فعلا؟ ان الظروف التي مرت بالعراق على مدى العقود الاخيرة، تجعل الانسان يشعر ان العراق كله جسر للنسيان، والا كيف نفسر نسيان العراقيين لكل الروابط التي كانت تجمعهم ليتحولوا من شعب واحد الى مكونات؟ ومن يفسر حنين البعض الى ما مضى برغم كل عذاباته وطغيانه؟ وبماذا نفسر تكرار التصويت للوجوه نفسها التي تسببت بكل هذا الفساد والكوارث؟ بل ان النسيان وصل حتى الى العلاقات الانسانية، كأن صديقا يعطي كلمته للتعاون مع صديقه في العمل دون مقابل وينقلب عليه!
جسر النسيان، لحظة عبوري عليه، قال المرشد السياحي بأن ٧٠٠ ألف سائح يعبرونه سنويا..
افكر بهذا المشروع، ان نعلن العراق بلدا للنسيان ونعرف ما نقصده (الذي يزور العراق ويصبر فيه لمدة اسبوع سينسى كل همومه، واذا جاءنا اثناء الحملة الانتخابية ورأى بأم عينيه، وليس أبيهما، كيف يهون الناخب على نفسه وكيف يستغل المرشح الفرصة ويمنح وعودا لهانت عليه كل همومه الحاضرة والقادمة .. هذا مشروع اقتصادي وانساني، نجعلهم ينسون الهموم وهم سيدفعون للتأشيرة وينعشون حركة الفنادق والاسواق وربما الحركة الفنية، ان نستمع الى همومهم ونحولها الى افلام ومسلسلات وافلام خاصة وان همومنا كبيرة لدرجة يعجز أمامها الفن..مشروعي برسم التنفيذ، من يشاركني؟