حسام أبو صفية

32

نرمين المفتي
لو كنت في موقع اختيار أفضل صورة فوتوغرافية في العالم في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، لاخترت بدون تردد صورة الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة. في اليوم 450 لحرب الإبادة، واليوم 83 لحصار شمال غزة، تم تدمير مستشفى كمال عدوان وإخراجه من الخدمة، وإرغام الكادر الطبي والمرضى، وبينهم أطفال خدج، على مغادرته لأكذوبة وجود مقاتلين من المقاومة، والحقيقة هي الاستمرار في إبادة شمال غزة وتأسيس منطقة خالية من البشر والحجر، بذريعة أمن الكيان.
وأعود إلى الصورة التي اجتاحت وسائل الإعلام العربية والغربية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي للدكتور حسام وهو يمشي وسط دمار المستشفى، أعزلًا لا (يحمل) سوى صدريته البيضاء التي يرتديها في مواجهة مدرعة تتبع النازيين الجدد. كما صورته في شهر آب الماضي حين استشهد ابنه الشاب (إبراهيم) في قصف استهدف بيته في جباليا، وكان هو يعاني من جروح في فخذه باستهداف قناص له، كان بصدريته البيضاء ومعه أشخاص معدودون يحملون نعش الابن الشهيد والدموع تغمر وجهه وهو يبحث عن مكان يصلح أن يكون قبرًا للشهيد. صورتان تختصران مأساة غزة أمام عالم بعين واحدة، يخاف حتى الاستنكار الرسمي، ينظر ويدور برأسه إلى الجهة الأخرى.
جرى اعتقال الطبيب الخمسيني، ولم يستمر مصيره مجهولًا لفترة طويلة بعد اعتقاله، إذ أكد أسير فلسطيني من المفرج عنهم أنه محتجز في قاعدة (سندي تيمان) سيئة السمعة. وأضاف الأسير في لقاء مع شبكات أخبار عالمية أنه سمع اسمه وهم ينادونه. ونشر نجله الأكبر (إلياس) نداء باسم عائلته إلى منظمة الصحة العالمية والمؤسسات التي تعمل في المجال نفسه، للعمل على إطلاق سراح والده، الذي أصر على الاستمرار في العمل تحت أقسى الظروف لإنقاذ ما يستطيع من الجرحى والمرضى، وهو عمل يراه النازيون الجدد ومن معهم (إرهابيًا)!
لأفضل طبيب أطفال في غزة (حسام أبو صفية) الحرية، ولغزة العزة والصبر والصمود، وللعالم أن يستيقظ ضميره، ولا أملك ما أقوله للعالمين العربي والإسلامي..