حَسينة وخالدة.. ببغداد!
جمعة اللامي /
“إن العيش دون أحلام، هو سرُّ السعادة”
(أناتول فرانس)
لا السيد “بُتبُت” ولا صديقه السيد “أمان” يتفقان مع الروائي الفرنسي أناتول فرانس حول السعادة. فلكل واحد منهما أحلامه حول السعادة: سعادته الشخصية، وسعادة وطنه.
قبل ذلك، دعوني أخبركم أن “بُتبُت” مواطن بنغالي، أطلقنا عليه اسمه هذا، تيمناً بشخصية الفنان الراحل الراحل عبد الحسين عبد الرضا، في مسلسل “العافور”، بمشاركة الممثلة العراقية مَيس كُمَر، أما “أمان” فهو “أمانة الله” وهو شاب َأَريش العينين، خفيف الحركة، لذلك تغرم به الفتيات المراهقات، لاسيما الباكستانيات، المتزوجات من عجائز بلغوا أرذل العمر، من سلالات آسيوية وأفريقية “تعرّبت” بمنطقة الخليج العربي!
“بُتبُت” و”أمانة الله” يعملان بوظيفة “منظف” بالمشفى الذي يعالجني أطباؤه من مرض “الفشل الكلوي” المستعصي، وعملهما هو تنظيف الحمّامات، ومسح أرضيات غرف المرضى، وغير ذلك من أشغال متعددة. وهناك نكتة سمجة، ملخصها أن “بُتبُت” و “أمانة الله” يتقاضى كل واحد منهما ما يساوي مئة وخمسين (150) دولاراً شهرياً يصرفانها على أجرة السكن، ومآرب أُخرى بينها، ثمن تذكرة السفر إلى بلدهما في أوقات الانتخابات التشريعية، حيث ذروة الصراع بين زعيمتي بنغلادش: الشيخة خالدة، والشيخة حسينة.
وهنا يكمن شقاء “بُتبُت” ورفيقه “أمانة الله”: الأول يوالي الشيخة حسينة، والثاني يناصر الشيخة خالدة، اللتين هما من طائفة واحدة، وطبقة واحدة، وبلد واحد، لكن الصراع بين الشيختين لا علاقة له بالمصالح البنغالية الوطنية على الإطلاق.
بعد أن رجعت من زيارة بغداد، قبل نحو سنتين، استقبلني “بُتبُت” هاشاً باشاً وقال لي “أرباب.. نحن نُعجب بالعراق، لأنه لا يوجد فيه صراع بين “نَفَر” و”نَفَر” آخر، كما هو الحال ببنغلاديش، بين الشيخة خالدة والشيخة حسينة. “
قلت له: “والله… خوش إعجاب هذا، بابا .!”