دكتاتور تشارلي تشابلن !

620

جمعة اللامي  /

“هيهات! أنا لم أرَ بعدُ شخصاً أحبّ الفضيلة،
مثلما يحبّ الجمال الجسمانيّ”
( كونفوشيوس)

فرّخ أدولف هتلر نُسخاً من شخصيته الدكتاتورية في ألمانيا وخارجها. وكذلك فعل رديفه وشبيهه بنيتو موسوليني. وإلى يومنا هذا، لا يزال “الدكتاتور” يتناسخ، سياسياً وثقافياً، في شخصيات كثيرة نراها في الأسرة والسوق والسلطة. والدكتاتور “المستنسخ” ليس مثل الدكتاتور “الأصلي”، فالأول يتصرف كما لو أنه قدرٌ مسلط على رقاب العباد، مسبقاً. ومن أجل ذلك يستنجد بالميثولوجيا والتاريخ والخرافات والعرّافات والمشعوذين، وبأجهزة استخبارية قاتلة، ويتراصف مع المثقفين والكتّاب والإعلاميين.
ألم يفعل ذلك هتلر وموسوليني؟
وهذا، هتلر، الذي هوالدكتاتور “الأصلي”، يريد أن يكون “الأول”، حتى في علاقاته الجنسية مع معشوقته. انظروا، مثلاً، إلى علاقة هتلر الغرامية مع إيفا براون. إن انتحارها معه، سبقه أن الدكتاتور كان هو “الأول” في عملية الانتحار الجماعي أيضاً. أما الدكتاتور “المستنسخ” فهو دائماً يكون ضحية الدكتاتور “الأصلي”، فيأخذ عنه سلوكه في الحياة، فيحيط نفسه بالمثقفين والأدباء والإعلاميين. لكن هؤلاء سرعان ما ينفضّون عنه، بعد أن يكتشفوا أنه مشوّه، وإرهابي، وعدواني، ويقوم بعمليات لا يوسخ “الدكتاتور” الأصلي يديه باقترافها. والدكتاتو”المستنسخ” غالباً “سياسي” يتصدى لمهامّ ثقافية، أدبية، فكرية، وإعلامية. وهو يتشاطر مع التابعين له، أو الذين يحوك لهم المكائد والشِّباك، لكي يوهمهم وغيرهم، بأنه “أصيل” في كل شيء.
في فيلمه الشهير: “الدكتاتور العظيم”، صنع السيرتشارلي تشابلن، الفنان القدير الذي تلتحق السياسة بفنه طواعية، صورة تامة لدكتاتورية “هتلر” و “موسوليني”، مقدِّماً صورة “الدكتاتور” في كل زمان ومكان، سواء أكان في عالم رأسمالي أو بيئة اشتراكية هي “لا اشتراكية” قطعاً. وهكذا يتحد تشابلن الفنان”المبدع” مع رسالته الثقافية والأخلاقية، على العكس من”السياسي” الذي يرث عن “الدكتاتور” أسوأ طباعه وخلقه، ثم يبزّه في الكراهية والتحلل والإرهاب.. والجهل أيضاً.
لنقرأ تاريخنا القديم والحديث، حتى نعرف صنوف هؤلاء”المستنسخين” الذين تحكموا برقاب العبدان ومصائر البلدان.
يا الله… ما أشقى الجهلة، والدكتاتوريين الصغار الذين بيننا!