زيارة لهوليوود

944

عامر بدر حسون/

لا أعرف مكاناً في اليقظة أو في الأحلام أجمل من هوليوود!

وكنت محظوظاً أنني زرتها، وزرت فيها طفولتي وشبابي وكل أحلامي التي ساهمت السينما بغرسها في عقل وقلب شاب من العالم الثالث!

* الزيارة الأولى كان فيها دليل رافقنا الى ستوديو، أو غرفة بحجم ستوديو، خصصت لعرض عثرات وهفوات الممثل الذي أصبح رئيساً للولايات المتحدة: رونالد ريغان!
قال الدليل:

– اميركا سيئة الحظ فلو أن ريغان نجح في السينما كما يجب لما أصبح رئيسا للبلاد والدليل أمامكم!

وبدأ عرض مجموعة من المواقف المضحكة التي حصلت مع الممثل ريغان: سوء تمثيله.. عدم حفظه للدور.. سقوطه المتكرر، وفي الخلاصة كانت الشاشة تعرض مسيرة شخص أخرق وما انفك الدليل يخبرنا:

– هل رأيتم لم أصبح رئيساً لاميركا؟!

وكمواطن عراقي، كنت أتلفت واتساءل: كيف يهينون رئيسهم بهذه الطريقة مع كل هذا المرح، وفي العراق يعدم المرء بمجرد انتقاده صدام أو أي وزير في حكومته (هناك قرار لمجلس قيادة الثورة حدد النقد كجريمة، والإعدام كعقوبة تأديبية!).

* وفي ستوديوهات يونيفرسال قمت بالتجوال في المدن التي شاهدتها في طفولتي وشبابي وتذكرت أين شاهدت هذا الفيلم أو ذاك، وأين وقف البطل وأين تم اختطاف البطلة وأين غنى (جين كيلي) في فيلم “غناء تحت المطر”؟ وأين قام (جون وين) بتصفية العصابة التي تطارده بمسدسه؟ وأين اشعل روبرت ميتشوم سيكارته؟ وأين انطلق جيمس دين بتمرده وضياعه؟ وأين رقصت مارلين مونرو؟ وأين طار فستانها الأبيض في اللقطة التي صارت من رموز السينما وعلاماتها الفارقة؟

* وكما في الحياة والأفلام فلا بد لكل شيء من نهاية!

وقد جاءت النهاية على يدي.. اذ تسللت للدرابين الفرعية لأرى ما هو خلف الأبواب وليتني ما فعلت!

لقد كانت المدن بكل جبروتها عبارة عن خشب مسنود بخشب!

لا شيء خلف ذاك الباب وتلك النافذة التي شغلت أحلامنا سوى أعمدة خشبية مائلة لأسناد الباب والنافذة!

مدن بكاملها كانت تستند الى أعمدة خشبية مائلة في الواقع.. أما الصورة الأخرى لها، من الجهة الثانية.. جهة الكاميرا، فهي مدن وبيوت من أجمل وأقوى ما تكون!

* قيت لأيام وانا أطرق بيدي على عدد من البنايات في اميركا.. فعلت هذا في الكونغرس وفي البيت الأبيض وفي مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة (وهي أماكن يستطيع الزائر والسائح والصحفي زيارتها بكل سهولة)!

كنت اريد أن اتأكد أنها حقيقية وليست كما في مدن هوليوود!

خلاصة هذا التذكر أن لكل شيء: جميل أو غير جميل وجها آخر.. وواجب ومهمة الكاتب أن يكشف الوجه الآخر للأشياء..

الوجه الذي لا يراه إلا من تسلل في الطرق الفرعية ورأى الأشياء على حقيقتها.. وصارح الآخرين بها.

وعندها سيلعنه جمهور العبيد الذي يحب العيش في الكذبة..

* اعتقد، وبألم، أن ثقافتنا منذ عقود، لم تبحث عن الوجه الآخر للأشياء..