صعودُ الماغوط

717
جمعة اللامي /
” الإنسان العاقل يقيس حقوقه بواجباته “
                         ( كامو )
التقيتُ محمد الماغوط ، للمرة اللأولى، في مجلة ” شعر ” . كان عمري دون الثامنة عشرة ، وكان هو أكبر مني، ربما، بعشر سنوات، ثم بعد ذلك التقيته في كتابه “سأخون وطني”، فرأيت فيه، خطاباً مغايراً، وعندما هاجرت إلى بيروت مطلع سنة 1970، وعملت في مجلة ” الهدف ” ، اوكل إليَّ غسان كنفاني، كتابة مقال في شأن محمد الماغوط ـ الشاعر والإنسان، قلت لغسان: ” الماغوط الشاعر، نعم . أما الماغوط الإنسان، فهذا ما لا أعرفه الآن ” .
بعد ذلك في الشارقة ما بين 1980 ـ 1982 ، ساهمت في اصطحاب الماغوط ، ليعمل معنا بجريدة “الخليج”، ورشحته لرئاسة ” القسم الثقافي “، انطلاقاً من موقعي في إدارة تلك الجريدة، التي كانت صوتاً جديداً على منطقة الخليج العربي.
ـ “هذه تجربة جديدة . هنا تعدد بالجنسيات والثقافات، يا ابا علي “.
ـ عندي فكرة عن الوضع .
أعتقد أننا سننجز عملاً طيباً ” قال الماغوط .
في عملنا، لم أتعرف على الماغوط الإنسان فقط، بل أصبحنا أصدقاء، بل – مرة أخرى، اكاد أقول ان هذه الصداقة، تحولت إلى خيار شخصي لكل واحد منا، لأنها بَنَت نفسها، من خلال همومنا الثقافية والأخلاقية: كنا نحب أوطاننا، لكننا نرفض أن يُصادَرَ الوطن والمواطن، بالقومية أو بالدين  أو الطائفة.
تلك كانت ” أطروحة ” لم يستوعبها جيل من الإعلاميين والمثقفين والادباء العرب الذين أتيح لهم العمل، بعيداً عن ” ثقافة ” التعصب الوطني، والاستعلاء القومي، والغُلوّ الديني، والقهر الطائفي.
ولذلك استوعبنا أقلاماً عربية، مختلفة في الفكر والاتجاه، مثلما أثمرت هذه “الثقافة” في “اكتشاف” قدرات ثقافية وإعلامية محلية، أصبحت اليوم تتبوأ مواقع قيادية، لانها آمنت بالخيار الديمقراطي، واحترمت التنوع العرقي والثقافي للناس.
في صيف سنة 1980 قال لي الماغوط:
ـ “سأعود الى الشام”.
ـ “لماذا يا أباعلي؟”.
ـ “سأخون وطني في وطني”.