صفِّ النية واسمع الأغنية!

629

محسن ابراهيم /

غالباً ما يتميز الوسط الفني عموماً والغنائي خصوصاً بالتنافس من أجل كسب ود المستمعين من خلال اختيار الأغاني التي تلامس إحساس المستمع، والتي ترتكز على ركائز الأغنية الثلاثة: الكاتب والملحن والمطرب. ومع ازدحام الساحة الغنائية والفوضى وبين تراث يتلاشى وواقع موسيقي بلا هوية، عانت الساحة الغنائية العراقية الكثير. فبعد توقف لجان المراقبة عن مراقبة النص الشعري واللحن, أمست هذه الساحة ميداناً لكل من هبّ ودبّ لتقديم نتاجه الذي لايرقى الى مستوى الأغنية العراقية بكل ماتحمل من رقي في الكلام والأداء واللحن. وبعد تسيد الأغاني الركيكة وتسلق الكثير ممن لايفقه شيئاً من أصول الغناء على جدار المشهد الغنائي, بتنا نتساءل بكل مرارة: لماذا فشلنا في التصدي لهذه الموجة والحد من ظاهرة التدهور والتشويه المتعمد لتراثنا الغنائي؟

أصبح الراغبون في الشهرة أكثر من الراغبين في الفن، خاصة مع الفرص التي أصبحت متاحة بشكل أكبر للوصول السريع، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي وسعي شركات الإنتاج للربح المادي على حساب القيمة الفنية. الانفلات الأخلاقي الذي انتشر سريعاً ساهم في رواج ما يسمى بالأغاني (الطاكة) التي تحمل كلماتها ألفاظاً وإيحاءات غير لائقة, مزيجاً من كلمات بذيئة وتعبيرات ساقطة تؤذي مشاعر من يسمعها، لامناص للمواطن البسيط من سماع هذه الأغاني الذي تضطره ظروفه اليومية لركوب سيارات النقل الخاص حيث يكون فريسة سهلة لتلك الأغاني.

الانفلات الفني جعل الساحة مرتعاً للدخلاء على الأغنية العراقية, الذين اقتحموها بأسلوب فوضوي. صرح الأغنية يتهاوى أمام أعيننا بعد غزو زومبيات الأغنية الحديثة, الكم الهائل من الندوات والمقالات فشلت في وقف هذا الزحف, وبات عنكبوت الغناء الهابط ينسج شباكه حول تاريخنا الغنائي، ويفرض نفسه ضارباً بعرض الحائط ذائقتنا الفنية, ونحن لا نملك حيال هذا الأمر إلا القبول بالواقع الذي اقتحم بيوتنا وفضائياتنا في عمل ممنهج لهدم الذائقة الفنية. الآن وبعد كل هذه الفوضى الغنائية وسيادة العشوائيات الفنية, كدنا نفقد ذوقنا السليم في الاستماع، وبات يحق لنا أن نتساءل لماذا فشلنا في التصدي لغزو الأغاني الهابطة ومن يتغنون بها ويصيغون لحنها وكلماتها ؟!!