ضمائرُ مزوّرة

712

د. علي الشلاه /

زوَّر يزوِّر ليست مثل زار يزور، ولا تقترب منها أبداً، فالزيارة غير التزوير، وأولئك الذين يتقنّعون بالتقى زوراً من خلال المظهر المزوَّر يريدون إيهامنا بأن التزوير مستحبّ مثل الزيارة وأنه إذا حصل منهم أو من أبنائهم او أذنابهم وخولِهم فإنه محمود، وإن أدى الى ظلم العباد وخراب البلاد من خلال تولي المناصب ودخول المحافل واستسهال الجرائم والفساد او التغطية عليه.
فالتزوير هو بوابة الفساد الأولى وعتبته الأخطر، وبعده تتوالى الموبقات واللصوصيات ويصبح المال العام خاصاً له ولمن يبتزّهم ويبتزّوه ممن زوّر له أو ساعده أو تستّر عليه.
المزوِّر أسير عقدة التزوير طوال حياته ويرى العالم من خلالها ويخشى انكشافها، لذا فهو يستغل المناصب التي غنمها من خلال التزوير أبشع استغلال وفي أقصر الفترات حتى يجمع الأموال التي تحميه ليشتري بها ذمم المتسترين او ليهرب بها عند افتضاح المستور.
إن استسهال كثيرين بيننا لجريمة التزوير ومحاولتهم ترقيعها أو التوسط لاستمرارها جريمة أكبر لأنها ستهدّ الأسس الكبرى والراسخة لبناء الدول الحقيقية، فهي تبعد المختصين الأكفاء الحقيقيين عن تولي المناصب بأمانة وعدالة وتؤدي إلى سلسلة من تولي غير الأكفاء لكل المناصب الأخرى. فالمزوِّر جاهل بالاختصاص الذي زوّر به، لذا فهو لا يمتلك الكفاءة للحكم على الأكفاء به، وبذا ستتداعى كل الأسس المطلوبة لبناء دولة حقيقية عادلة ولن ينفعنا الدعاء لتلك الدولة الكريمة في الصلوات والزيارات عبر التقى المزوّر.
لقد كانت مشكلات الدولة الإسلامية عبر تاريخها تكمن في التزوير والمزوّرين بدءاً بالأنبياء المزوِّرين (مسيلمة الكذاب وسجاح) ثم الخلفاء المزوِّرين في ملك بني أمية والعباس الذين زوّروا القرب من النبي (ص) وزوّروا الانتساب لآل البيت.
وكذلك فعل الأئمة المزوِّرون الذين ادّعوا العلم وضلّلوا العامّة وطلبوا ما ليس من حقهم وأبعدوا أصحاب الحق عنه فتسببوا بكل مآسي التاريخ الإسلامي وكربلاءاته.
إنني أدعو الجميع هنا إلى فضح المزوِّرين وعدم التستر عليهم وإن علا شأنهم وشأن متبنيهم لأن الحقيقة ستظهر يوماً ما دون ريب.. يومئذٍ يُبلس المجرمون.