على مرمى حلم

107

نرمين المفتي

“شركة تقنية تعلن أول اتصال بين شخصين في الحلم”، هذه الجملة ليست اقتباساً من رواية خيال علمي، إنما عنوان تقرير طويل نشرته (سكاي نيوز عربية)، ملخصه أن “شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا العصبية مقرها في ولاية كاليفورنيا الأميركية، ادعت، باستخدام معدات مصممة خصيصاً، أن شخصين نجحا في تحريض الأحلام الواضحة وتبادل رسالة بسيطة أحدهما مع الآخر..”
إذا كان هذا الإنجاز صحيحاً، فإنه سوف يشكل نقطة تحول علمية جديدة ومميزة في أبحاث الأحلام، من بينها، كما تقترح الشركة، علاجات للصحة العقلية والنفسية وتعليم مهارات جديدة.
يذكرني هذا الخبر بأبحاث العالم الدكتور الشهيد الحارث عبد الحميد الأسدي، مدير مركز البحوث النفسية والتربوية في جامعة بغداد، الذي اغتاله مسلحون مجهولون وهو في طريقه إلى الجامعة في ايلول 2006 في الفترة التي شهدت اغتيال الكفاءات والعلماء العراقيين، الذي أسس قسماً لدراسات الباراسيكولوجي، وأجرى أبحاثاً عملية عن (التخاطر في الحلم)، الذي وثقه لأول مرة فرويد، ويعني التواصل بين شخصين عبر التخاطر في الحلم، أي أن أبحاث الحارث عبد الحميد كانت لا تختلف عما توصلت الشركة الناشئة إليه عبر معدات خاصة، بينما الشهيد عبد الحميد كان يجريها في ظل الحصار.
يوماً، في نهاية التسعينيات، كنت بين العشرات من الحاضرين في قاعة كلية العلوم بجامعة بغداد، وهو يطبق عملياً نجاح تجربته في التخاطر بين شخصين مستيقظين، أحدهما في بغداد في القاعة أمامنا، والآخر في البصرة، مع وعد باستمرار أبحاثه في التخاطر في الحلم.
ويبقى الحلم، منذ أن تشكل وعي الإنسان، قبل آلاف السنوات، وقبل أن يخترع السومري أول حرف وأول عجلة في التاريخ، مجال نقاش وأبحاث للوصول إلى مهمته التي حاول ابن سيرين أن يسبر أغوارها، إن كانت رسائل إلهية أو تنبيهات من العقل الباطن، لكنه متعب أحياناً، كما قال مولانا جلال الدين الرومي، لأن الضحك فيه يفسر بالبكاء، مثلاً.. وأعود إلى الاتصال في الحلم، الذي قد يتحول إلى لقاء، واختم بقصة قصيرة جداً نشرتها سابقاً وعنوانها (انتبه) ومتنها (إنني على مرمى حلم)..