فساد القوم

439

#خليك_بالبيت

يوسف المحمداوي /

“سئل الإمام علي بن أبي طالب (ع) ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثة وثلاثة، وضع الصغير في مكان الكبير، ووضع الجاهل مكان العالم، ووضع التابع في القيادة”.
هذه المقولة الرائعة تنطبق تماما على أغلب مؤسّسات الدولة منذ التغيير الذي حصل في العام 2003 إلى يومنا هذا، والمصيبة بعد كل ما حصل من خيبات وملفات فساد وانهيار في المنظومة المالية لخزينة الدولة لا يزال البعض يصرّ على تطبيق هذه الحالة والسير على نهجها وإتيان الرجل غير المناسب لتنفيذ مآربهم النفعية وإدامة مكتسباتهم غير الشرعية من المال العام، غير آبهين وإن ذهبت البلاد نحو الهاوية، لكون مصلحة الوطن والمواطن في ذيل قائمة أهدافهم ولا يشغل بالهم غير أرصدتهم في الخارج.
اليوم نجد في حكومة السيد الكاظمي بعض المحاولات الجدية لمحاسبة المفسدين من الخط الثاني وليس من حيتان الخط الأول بالفساد الذي أصبح المعول المعين للارهاب في تدمير ما تبقى من وطن مبتلى، فلا عجب أن تجد مسؤولاً مالياً يحاول الهروب من المطار، وآخر يعتقل في داره من قبل قوة أمنية، ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة ومتابعة دولية لبعض الأموال العراقية المهربة إلى الخارج، والسيطرة على المنافذ الحكومية من قبل الدولة بعد أن كانت في خدمة هذه الجهة أو تلك، وتغيير في الهيكلية الإدارية لبعض المناصب العسكرية والأمنية والاقتصادية والخدمية، ومع تعالي الأصوات ضدها من قبل بعض المنتفعين لاستمرار الحال كما هو عليه في السابق يراها المواطن خطوات خجولة وليست صولات بطولة تقضّ مضاجع الفاسدين الكبار، لأنّ المواطن وصل إلى درجة الهذيان وفقدان التَّبصُّر والرشد لما وصل اليه وطنه من أوضاع مأساوية لا يرتضيها الظالم لعدوه، ولا أدري أين صنعت قلوب وضمائر وعقول هؤلاء؟ لتكره وتدمّر الوطن بهذه الصورة التي لم يمرّ بها العراق في أي مرحلة تاريخية سابقة، إلى درجة أنَّ بعض المواطنين أصبحوا يحنّون لحقبة الطاغية الجلاد لما اقترفه بعض الساسة الحاليين من أفعال شنيعة بحقهم وحق الوطن.
وزراء وساسة يهربون بمليارات الدولارات صوب الخارج، وزير عراقي سابق يبادر بأموال الشعب لشراء ناد أوروبي، وزير آخر يرفض المنتج العراقي من الزيت الغذائي الذي تنتجه شركة الزيوت النباتية الحكومية، لكونه يمتلك معملا للزيوت في أحد بلدان الجوار، وغيرها من المصائب والاختلاسات التي لم يفعلها أعتى لصوص المافيا العالمية، ناهيك عن القتل الممنهج للمتظاهرين السلميين الذين يطالبون بأبسط حقوقهم الحياتية والقاتل إلى الآن مجهول الهوية.
ختاما كمواطن أخاطب دولة رئيس الوزراء وأقول له: جميع الشرفاء معك إن ضربت بيد من حديد على حيتان الفساد، لكونه كما وصفته المقولة التي أجهل اسم صاحبها: “إن شبكة الفساد في البلاد أكبر من شبكة الصرف الصحي”.