في بيتنا كتاب
محسن ابراهيم /
صغاراً كنّا، تأخذنا الأحلام بعيداً ونحن مجتمعين حول نار المدفأة وحكايات أمهاتنا. نحلّق على بساط الريح في سماء ألف ليلة وليلة وقصص الخيال والشاطر حسن, يبحر بنا السندباد البحري الى جزر ساحرة, نهيم في هذا العالم الساحر وفضاء الحكايات, حين كان الفضاء لايتسع إلا لحكايات الأمهات, استمعنا للقصص منذ ولادتنا، وتوسعت ملَكة الخيال لدينا حتى نشأنا على حب الكتاب والنهل منه.
فتحنا أعيننا على عالم لا متناهٍ من الأشياء الخيالية، وعرفنا أنه مخبّأ في بطون الكتب. تمر الأيام سريعاً ومازالت حكايات الطفولة عالقة في أذهاننا, تلك الحكايات التي فتحت لنا الباب على مصراعيه للبحث عن آفاق جديدة وحكايات جديدة، اكتشفنا ببراءة الأطفال أن الكتاب سيروي ظمأ عطشنا للحكاية. مكتبة الأب العامرة بالكتب تقع في منطقة محظورة صعب الوصول إليها ولايسعنا إلا الحصول على إصدارات تهتم بالطفل والطفولة، “مجلتي والمزمار” كانت الأنيس الوحيد في تلك المرحلة. وبعد أن اشتد عود القراءة لدينا سُمح لنا بالتقرب من المكتبة، شعرنا أن هذا اكتشاف لعالم جديد لا بد أن ندخله بحذر، تجولنا بين رفوف المكتبة: همنغواي والمنفلوطي, دوستويفسكي، تولستوي, وكتب تحمل عناوين سياسية واجتماعية, ربما كان الانجذاب للقصة القصيرة هو بسبب صغر حجمها وسهولة مطالعتها, ربما أولى القراءات في تلك السن المبكرة مسألة نادرة، لأن القراءة لم تكن أمراً يمارسه الكثيرون فللطفولة في ذلك الوقت هوايات أخرى. هكذا كانت النشأة الأولى لجيل تربّى بين الكتب والمكتبات, يبحث في ماهيّة القراءة وأهميتها ودورها في بناء الذات الإنسانية بعيداً عن كل مايسطّح العقل البشري من برامج فضائية وهاتف جوال يحمل بين ثناياه خطراً يهدد مفاهيم الأطفال مستقبلاً، حتى ينشأ جيل ذو شخصية نافرة من الكتب والقراءة. علّموا أولادكم القراءة وأن في الكتاب حياة، حياة يستمدون منها شخصية مليئة بالأفكار البنّاءة والحاملة, وأن الكتاب او القصة التي ستسرد عليهم أو يقرأوها ستكون في نظرهم عالماً واسعاً وعجيباً. يجب أن لا نترك أطفالنا عرضة للضياع في عتمة هذا العصر المادي ولجاذبية التكنولوجيا, لنجعلهم يتفاخرون أمام الآخرين أن في بيتنا كتاب.