كلمة أولى
رئيس التحرير/
العالَم بعين امرأة
كيف يمكن أن نرى العالم من حولنا بعين امرأة، أي بحسّها وحساسيتها، بحدسها ومجسّاتها، بتصوراتها وهواجسها، كيف تفكر، كيف تتأمل، كيف ترى، كيف تستنتج؟
ومع أنها الأقرب لنا ،نحن الرجال، من جميع الموجودات، لكننا لا نعرف، على وجه الدقة، كيف ترى المرأة العالم من حولنا، إلا بحدود سطحية تستند الى معرفتنا بالطبائع والعادات الاجتماعية والثقافية للنساء، أما عميقاً ودفيناً، أو فلسفياً وتجريدياً، فلا نعرف شيئاً مؤكداً عن هذا.
وبالمقارنة معنا، فنحن الرجال الأشاوس ننظر للعالم من حولنا نظرة رجل واحد، سيد بغرائز فائرة وجينات مشتركة وعوالم متشابهة، وكذلك بعواطف وأحقاد وضغائن ومخاوف مفضوحة ومكبوتة.
لم نترك للمرأة أن ترينا العالم من حولنا، كما تراه هي وليس كما نراه نحن، فقد تسيّدنا المشهد منذ فقدت ألوهية الخصوبة عصرها الذهبي، وانتهت مرحلة الأمومة في تاريخ البشرية، وأصبح العالم ذكورياً لا سبيل لإصلاحه أو عادة النظر فيه.
الكتابة وحدها هي من يكشف لنا كيفية رؤية المرأة للعالم من حولنا. الكتابة قفلُ ومفتاحُ هذه الرؤية، هذه المعرفة، هذا السر الذي لم يكتشفه الرجل إلا بالحدود السهلة والسطحية.
الكتابة لا تحرر المرأة وحدها إنما تحرر المجتمع أيضاً، والرجل في المحصلة، لكن على كتابة المرأة أن تتخلّص، هي كذلك، من عقدة علاقتها بالرجل وسخطها عليه وتمردها على مجتمعه الذكوري، لتفتح آفاقاً أرحب لكتابتها.
في أوساطنا الثقافية اليوم سلسلة ذهبية من العراقيات المبدعات، روائيات وشاعرات وفنانات وإعلاميات، ورائدات في علوم الطب والجينات والعمارة والتكنولوجيا. نساء كسرن التابو الذكوري ووقفن في مقدمة المجتمع الذي ولد من أرحامهن ثم أشاح عنهنّ بوجهه.
نساء تمردن على نزق الرجل وعبوديته وغرائزه الفائرة ونرجسيته المتعالية، ليثبتن أنهن ما زلن سيدات الخصوبة والعطاء والإبداع.
لهذا نحتفي هنا على صفحات “الشبكة” بنصف دزينة من كاتباتنا المبدعات، ونفرد لهن كلّ أعمدة المجلة للكتابة فيها، لكي نرى العالم من حولنا بعين امرأة!