كلمة أولى

912

رئيس التحرير/

كاريزما على تمّن!

الكاريزما هي الجاذبية الشخصية، والجاذبية شرط من شروط نجاح القادة والزعماء وسواهم من نجوم السياسة والمجتمع والفن. فليس هناك زعيم دولة أو قائد حزب لا يتمتع بهذا القدر أو ذاك من هذه الكاريزما، سواء تعلق الأمر بشكله الخارجيّ، وسامته أو أناقته أو قدرته على الخطابة والإقناع، عدا صفاته الأخرى كالعدل والرحمة والشجاعة والحزم ..الخ.

وإذا كنا هنا في دول العالم الثالث أو (الدول المتخلفة حديثاً)، حسب تعبير صديق قديم، لا نقيم اعتباراً كبيراً لكاريزما الزعماء والقادة لأنهم يتزعموننا ويحكموننا غصباً علينا وعلى أجداد أجدادنا، فهناك في دول أوروبا والعالم الآخر، قطاعات واسعة من الناخبين لا يعطون أصواتهم إلا لمن يتمتع بالكاريزما، سواء كان زعيماً جيداً أم رديئاً، فالمهم هو أن يكون وسيماً ومحبوباً وخطيباً مفوّهاً ويعرف كيف يدخل إلى قلوب الناخبين.
وقبل سنوات قرأت مقالاً لصحفي أوروبي كان في زيارة للعراق أجرى خلالها ما يشبه الاستفتاء في أوساط العراقيين وكانت المناسبة استعداد الساسة وزعماء الأحزاب لخوض الانتخابات النيابية الماضية.

يقول كاتب المقال إنه سأل مواطناً عراقياً عن مزايا الزعيم الذي سيمنحه صوته في الانتخابات، فقال له المواطن نريد زعيماً يوفر لنا الخبز والأمان. واندهش الصحفي لهذه الإجابة الغريبة عليه.. فما معنى أن يوفر الزعيم الخبز والأمان للناس وهي من اختصاص أفران الصمون ومخافر الشرطة في العالم المتحضر؟

وعاد الصحفي وسأل المواطن نفسه عما إذا كان الزعيم المطلوب يجب أن يتمتع بكاريزما خاصة؟

وكما يبدو لم تترجم عبارة الصحفي للمواطن، بشكل واضح، فاندهش المواطن نفسه هذه المرة، ورد عليه وهو يضحك: إذا كاريزما على تمّن… ممتاز!

هذا المقطع الساخر أفضل ما في مقال الصحفي الأجنبي، وأتمنى أن يكون الساسة في بلادنا قد قرأوه جيداً، فالعراقي لا يحتاج اليوم إلى المزيد من المهاترات والخلافات والنزاعات على المناصب والمغانم، إنما يحتاج إلى الخبز والأمان والكهرباء والماء، أولاً وأخيراً، أما الكاريزما فليست هناك أسواق لتصريفها في العراق حالياً.