كلمة أولى

849

رئيس التحرير/

كلابٌ تنافسُ البشر

شاهدت قبل فترة فيلماً سينمائياً رائعاً أبطاله مجموعة من الكلاب، وموضوعته غاية في الطرافة والحكمة. منطقة زراعية فيها مجموعة من المنازل الريفية، كل منزل لديه قطيع من الأغنام وكلب يحرس هذا القطيع. يُفاجأ بعض من أصحاب القطعان بمقتل بعض خرافهم بين يوم وآخر، فيبدأون بالمراقبة لمعرفة الفاعل. يشكّون أول الأمر بواحد من كلاب المنطقة عندما يعثرون على بقع من الدماء تلوث فمه فيقرر صاحبه الحكم عليه بالموت، كما تفرض التقاليد في مثل هذه الحالة، لكن طفلاً يكتشف أن هذا الكلب بريء وأن هناك كلباً آخر هو المسؤول عن هذه الجرائم، إلا أن صاحب هذا الكلب يرفض الاعتراف بجرائم كلبه كي لا يضطر لقتله.

يبذل الطفل جهوداً مضنية للكشف عن الجريمة وتقديم المجرم للعدالة حتى ينجح في نهاية المطاف، ويضطر صاحب الكلب المذكور لإعدامه أمام الجميع بعد أن افتضح أمره ولم يعد بالإمكان التستر عليه.

أهمية هذا الفيلم، إضافة إلى موضوعته التي تحمل جانباً «إنسانياً»، تكمن في كون الممثلين الأساسيين فيه هم من الكلاب والثانويين من البشر، وقد أبدعت تلك الكلاب في أداء أدوارها على أفضل وجه بحيث تفوقت على الممثلين من البشر.

وقد وجدت في الفيلم أيضاً أن صفة الذكاء والتعلم لدى الكلاب تقرب من صفات البشر، وهي بذلك تتفوق على الإنسان، ليس في ميزة الوفاء المعروفة عن الكلاب فقط، إنما في القدرة السريعة على التعلم والوقوف أمام كاميرات السينما.

لقد تحدثنا، نحن العرب كثيراً، عن وفاء الكلب ولم نتحدث، بالقدر ذاته، عن وفاء الإنسان، وهذا يؤشر على قلة وفائنا نحن البشر مقارنة بوفاء الكلاب. والدليل القاطع على قلة الوفاء هذه أننا لم نولِ الكلاب اهتماماً يوازي ما نكيل لها من مديح، وهي تستحقه بالفعل.