متى تتعافى بغداد ؟!

895

جبار عودة الخطاط /

متى تغادر بغدادنا الحبيبة راهنها البائس؟! وتنهض لتستعيد مكانتها الحضارية والجمالية التي كانت تزهو بها!، فلا يعقل ان بغداد بكل ما تكتنزه من عوامل حضارة وإبداع يتم تصنيفها منذ عدة سنوات كأسوأ عاصمة في الدنيا؟! هل تستحق بغداد ذلك؟! ولماذا لا ينتفض أبناء بغداد من اجل النهوض بواقع مدينة ألف ليلة وليلة لتتعافى وتدب دماء الجمال والتطور مجددا في شرايينها التي أدماها الخراب الكبير!

والسؤال المر هو ما الذي ينقصنا لتكون بغداد بهذه الشاكلة؟! هل نفتقر الى الإمكانات المادية التي تنهض ببغداد وتمسح عن وجناتها تراب الاهمال والبؤس؟ أم نفتقر الى الخبرات العلمية والعملية التي من شأنها ان توظف طاقاتها للارتقاء بعاصمتنا الحبيبة الى الحدود الدنيا مما هي جديرة به من صورة عمرانية وحضارية تتماهى مع إرثها وتأريخها المعروف؟ ! أم أنه الفساد، عليه لعائن الله والعباد، يقف بقوة حائلاً دون ذلك ليبقي بغداد كما هو عهدها اليوم مضرجة بالخراب واليتم!

هل تصدقون أن لا أزمة سكن في بيروت، هذه المدينة الجميلة بعماراتها وأهلها الطبيبين؟!.. مهلا .. رب معترض بالقول “شنو هاي” ما علاقة البرياني بجسر السنك؟ ما هذه الانتقالة بالحديث؟! .. لا ليست في الأمر انتقالة ولا هم ينتقلون .. كل ما في الأمر أني أردت الإشارة الى أن بيروت، عاصمة لبنان، هذا البلد الذي لا يمتلك غيضاً من فيض ما يمتلكه العراق من ثروات وإمكانات مادية ضخمة، ليست فيها أزمة سكن جراء انتشار البناء العمودي الجميل الذي حقق فيها هدفين كبيرين في آن معا.. الأول : أضفى على بيروت منظراً معمارياً باذخاً ساراً، فالعمارات الشاهقة الرائعة تزاحم بعضها في الشوارع راسمة لوحة حضارية وسياحية بهية حقا.. والهدف الثاني أن هذه العمارات ساهمت بشكل فاعل في تحجيم.. بل في القضاء على أزمة السكن في بيروت، لذا لا تجد فيها مناطق عشوائية، فالشقق السكنية متوفرة بأسعار متفاوتة حسب المناطق.. وحتى منطقة حي السلم في الضاحية الجنوبية التي ربما يصنفها البعض على انها منطقة عشوائية.. اقول لا، حتى هذه المنطقة لا يمكن تصنيفها كذلك ويكفي عقد مقارنة بسيطة بينها وبين “أفضل او أجمل” منطقة عشوائية في العراق لتخرج بالقناعة التي تدعم كلامي.. ونعود الى سؤالنا المر: ما الذي ينقص بغداد لتكون كما هو الحال في الصورة المتخيلة؟! سؤال نضعه برسم كل من يهمه أمر بغداد من ساسة ورجال دين ومنظمات مجتمع مدني ومثقفين.. لماذا لا يصار الى اعتماد البناء العمودي في بغداد ولماذا كل مشاريع الإسكان لدينا – وهي متعثرة أصلاً- لا تتجاوز الثلاثة طوابق في وحداتها العمرانية.. لماذا لا تصبح بحدود العشرين او الـ 15 طابقاً؟! .. النهوض بالواقع العمراني لبغداد مسؤولية اخلاقية ووطنية، وما سيتم تشييده من عمارات في هذا الجانب يمكن ان يساهم بشكل مؤثر في معالجة ازمة السكن والسعي لإنهاء ملف العشوائيات التي قضمت الكثير من مساحات عاصمتنا الكئيبة!

فهل يعقل – بلحاظ الفارق الاقتصادي الضخم بين العراق ولبنان- ان بيروت لا تعاني أزمة سكن! في حين يضج العراقيون او البغداديون من أزمة سكن خانقة جعلت البيوت تنشطر على نفسها لأنصاف وأثلاث وأرباع ! في بيروت ثمة عمارات كثيرة وفيها شقق لمن يروم السكن.. وعندنا لا وجود لذلك.. فليت شعري متى نغادر البناء الأفقي في بغدادنا لنعمد الى بناء عمودي يسر الناظرين، فضلاً عن حلّه لأزمات كثيرة ومريرة؟!!