مسرح بلا جمهور

633

محسن إبراهيم

أعطني مسرحاً وخبزاً أعطك مجتمعاً عظيماً.. حين اطلق شكسبير هذه المقولة كان يعي أن للفن طاقة إيجابية تعيد بناء شخصية الفرد، ما يجعله يتصف بكل الصفات الحميدة، وتكرس في داخله القيم النبيلة لبناء مجتمع ينبذ كل ماهو مسيء, ومنذ ظهور الشكلان الرئيسان للمسرح وهما الملهاة والمأساة، عرف الإنسان أن المسرح يعتمد على مجموعة من الناس تقوم بتقديم فكرة ما في إطار فني لمجموعة أخرى من الناس، سواء كان داخل قاعة عرض أو في الهواء الطلق، الهدف هو تقديم عمل فني يتفاعل معه الجمهور، ما يشكل إيقاع العرض وإحساس الممثلين، ولأن العيش في الخيال حالة متجذرة بين الناس، كانوا يجدون ضالتهم أولاً في النصوص الأسطورية الملحمية والحكايات الشعبية في المسرحية التي تجسد لهم هذا المتخيل عبر الشخوص (الممثلين) والأسلوب المحبب لهم في سرد الرواية، مرة أخرى الجمهور هو ما يميز العرض المسرحي عن باقي الفنون الأخرى، حيث أن ردود الأفعال تكون حية ومباشرة، وفئات هذا الجمهور تختلف عن بعضها البعض، ويتم تصنيفها فكرياً وثقافياً, لكن في الآونة الأخيرة لوحظ قلة عدد الجمهور المتردد على دور العروض المسرحية وعدم الرغبة في متابعة الأعمال بات ملحوظاً يوماً بعد يوم، وقد برر بعضهم هذه الظاهرة نتيجة للظروف الأمنية و الاقتصادية التي تواجه المجتمع، لكن هذه الاجابة لم تكن بقدر كاف من الاقناع، بعضهم الآخر برر أن وسائل الإعلام الحديثة قد سحبت الجمهور من المسارح. النقاش في هذه القضية يبقى مطروحاً ومفتوحاً، حتى تفكك رموز هذا الطلسم المسرحي، وحتى يجيب المسرح العراقي متمثلاً بسنواته الطويلة على السؤال الأهم (أين ذهب جمهور المسرح)؟؟!!