موت البطل في الرواية

1٬642

عبد الله صخي/

يتساءل كثيرون، وبنوع من الاعتراض المضمر، عن موت البطل الروائي وهل لذلك مبرر واقعي أو فني؟ يتساءلون، وفي الوقت نفسه يوجهون نقدهم للمؤلف الذي يقود بطله إلى حتفه وكأن الحياة، بنظرهم، خالية من أي سبب لهذا الفعل، أي فعل الموت. لدينا أمثلة كثيرة من الأدب الأجنبي التي ينتهي فيها البطل نهاية مأساوية. هنا أشير إلى النموذج الأشهر وهو تراجيديات شكسبير التي يموت في واحدة منها بطلا المسرحية روميو وجولييت. في رواية ستندال “الأحمر والأسود” يموت البطل جوليان سوريل تحت المقصلة. وفي رواية تولستوي “أنا كارنينا” تموت البطلة تحت عجلات القطار. كل هؤلاء الأبطال لقوا حتفهم بأساليب مختلفة من دون أن يعترض النقد على تلك النهايات في أعمال أدبية تناولت مجتمعات ترتبط بتواريخ لا تشبه التاريخ العراقي الغارق في المأساة والمتاهة منذ الاحتلال العثماني.

فرانز كافكا يرى أن على المرء ألا يقرأ إلا تلك الكتب التي تعضّه وتخزّه. إذا كان الكتاب الذي نقرأه لا يوقظنا بضربة على جمجمتنا فلماذا نقرأه؟ كي يجعلنا سعداء؟ يا إلهي.. كنا سنصبح سعداء حتى لو لم تكن عندنا كتب. الكتب التي تجعلنا سعداء يمكن أن نكتبها عند الحاجة. إننا نحتاج إلى الكتب التي تنزل علينا كالبليّة التي تؤلمنا، كموت من نحبه أكثر مما نحب أنفسنا، الكتب التي تجعلنا نشعر وكأننا قد طردنا إلى الغابات بعيداً عن الناس مثل الانتحار. الكتاب ينبغي أن يكون كالفأس التي تهشم البحر المتجمد في داخلنا.

في مقابلة صحافية يجيب الكاتب الإيطالي امبرتو إيكو عن سبب اختياره شخصية محبطة قائلاً: “كان ديستويفسكي يكتب عن أبطال خاسرين. الشخصية الرئيسة في الإلياذة هكتور كان خاسراً أيضاً. ربما من الممل أن نتحدث عن الفائزين، الأدب الحقيقي دائماً يتحدث عن الخاسرين. الخاسرون أكثر روعة.”

لقد فطنت قبل نحو خمسين عاماً في الأقل ولم أر العراق خلالها إلا وهو يمضي من تجربة تراجيدية إلى أخرى. احتلالات، سجون، صراعات دموية حزبية. أول شيء يفكر به من يمسك السلطة هو تهيئة سكاكينه لذبح الآخر بدلاً من التفكير باحترام الرأي المعارض، يختار الهدم بدلاً من التفكير بالبناء. تلك هي سيرة العراق كما عرفتها قراءة وتجربة، كيف إذن نكتب عن حياة بلا موت؟