نجم جيجان.. الراحل بصمت

615

نرمين المفتي /

طوال سنوات الحصار، كان نجم الدين جيجان ينظّم معارض ينحت فيها أمام الحضور تماثيل صغيرة من الطين لنساء عراقيات يرتدين العبادة وعلى وجوههن تعابير وجع الحصار، صرخة او آهة ، “إنهن النساء التي عرفتهن في حياتي، أمي وأخواتي، خالاتي وعماتي، جاراتي وصديقات أمي”، هكذا كان يقدم تلك التماثيل الصغيرة.

ولأهمية اسمه واحداً من أفضل النحاتين في أميركا، كان نجم يبيعها ويرسل الأموال، مهما كان حجمها، الى عائلته وجيرانه في كركوك، حيث ولد ودرس وعمل لفترة محدودة مدرساً للتربية الفنية. كان نجم، واستناداً الى النحات الكبير محمد غني حكمت، واحداً من أفضل طلبته في أكاديمية الفنون الجميلة، ولذا اختاره أن يكون مساعده في مشغله وهو ينفذ نُصُبَه المعروفة في بغداد.. هاجر نجم الى أميركا ودرس الماجستير وأسس مشغله الخاص في نيويورك، الذي أصبح واحداً من أهم مدارس النحت في الولايات المتحدة الأميركية، وكان يقول بفخر وسعادة إنه درّس فيه اكثر من ٢٥٠ ألف طالب من هواة النحت، ومع استمراره بالتدريس، استمر في أبحاثه للتوصل الى تقنيات نحت جديدة باستخدام مواد وخامات مختلفة.. زرع نجم منحوتاته في ساحات وحدائق غالبية الولايات الأميركية والمدن الأوروبية، وتقتني متاحف أميركية وعالمية العشرات من أعماله، كلما جاء الى العراق، كان يعبّر عن أمنيته في أن يرى عملاً له في إحدى ساحات بغداد او كركوك. وقدم مشروعاً الى وزارة التعليم العالي في ٢٠٠٨، إذا لم تخنّي الذاكرة، لتنفيذ نصب لجامعة بغداد، لكنه لم يسمع جواباً وإن كان بالنفي.. واستمر يحلم بأن ينفذ مشروعه (الساز الأسود) الذي انتهى من مصغّره وأن يهديه الى الشهداء التركمان خاصة والعراقيين عامة، ولم يتمكن من تنفيذه.. كان، رغم شهرته أميركياً وأوروبياً، حزيناً لغربته ولعدم معرفة العراقيين به.. وكأي مبدع عراقي مغترب، سمعت برحيله بعد وفاته بشهر.. رحل بصمت، على صفحته على الفيس، لا توجد إلا رسالة وداع واحدة له من فنانة أميركية، تودّعه قائلة بأنه كان أكبر من الحياة.. لا أعرف ماذا أقول، عاش نجم بصمت ورحل بصمت ودفن بصمت وسيكون ذكرى صامتة غير معروفة في بلده، وتبقى أعماله يتيمة في الغربة ولا عمل له في وطنه.. سلاماً نجم..