ندين لها

734

نرمين المفتي /

(ندين لها).. وسم (هاشتاغ) على مواقع التواصل الاجتماعي تم إطلاقه لتقديم الشكر لمبرمجة أميركية شابّة عمرها 29 سنة اسمها (كيتي بومان)، كان لها الفضل في نشر أول صورة في التاريخ للثقب الأسود، إذ طوّرت لوغاريتمات لقراءة الفراغات الموجودة في صور التقطتها ثمانية تلسكوبات تم وضعها في ثمانية مراصد مختلفة في أربع قارات، ومن دراستها على مدى سنتين. ولولا بومان لما كانت وكالة ناسا ستفاجئ العالم بنشر الصورة التاريخية للثقب الأسود في 11 نيسان 2019، ومنذئذ ما يزال العالم منشغلاً بهذه الصور المذهلة.
والثقب الأسود الذي يقع في مجرة (مسييه 87) يبعد عن الأرض بـ 500 كوادريليون كيلومتر (كوادريليون= مليون ترليون).
وبومان، لم تكن تقدر على إنجاز كهذا لولا أنها درست (المصفوفة) منذ مراحل دراستها الأولية وصولاً الى دراسة البرمجة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
لماذا أشير الى هذه المعلومة؟ أولاً، فقط لنتذكر الضجّة التي حدثت بسبب تغيير مناهج الرياضيات في العراق! الدول التي ترنو الى المستقبل غيّرت هذه المناهج وباتت تدرّس المصفوفة بدءاً من الصف الثاني الابتدائي ليتمكن التلميذ في الصف المنتهي من هذه المرحلة من ابتكار برنامج (سوفت وير) بسيط يلائم عمره وما درسه، بينما نحن (أهالي وهيئات تعليمية وتدريسية) بدأنا بحملة لرفض المناهج الحديثة بذريعة مخجلة وهي (أنها أعلى من مستوى التلميذ)، علماً أن المعلمين والمدرسين لم يتم زجّهم في دورات لمعرفة أصول تدريسها. ومهما تكن الأسباب، فالمحصلة هي أننا نستمر وكأننا خارج كوكب الأرض. وثانياً، فإن تعريف الثقب الأسود هو جسيم غير مرئي بكتلة هائلة تجعل من المستحيل على أي شيء الإفلات من قوة جاذبيته، بما في ذلك الضوء، أي أن كل ما يدخل فيه يعتبر مفقوداً، حتى إن كان كوكباً.
واستناداً الى هذا التعريف، لدينا في العراق ثقوب سوداء (أرضية) ولا تبعد عنا بتريليونات الكيلومترات، إنما حولنا، وهي (ثقوب) الفساد الأسود التي لا يخرج منها كل من يدخل إليها، ولكن من سيضع التلسكوبات لتصويرها؟ هل ننتظر إنجازاً كي يتم تصوير ثقب الفساد الأسود والذي يكاد العراق يتفرد بأكبره عالمياً؟ او سنستمر، كما قلت سلفاً، خارج كوكب الارض!