هدفٌ في الوقت الضائع
نرمين المفتي /
حسين الركابي، الرسام المتمكن، اختار أن يترك حياة المدينة، ليس في بغداد، إنما في الناصرية أيضاً، وأن يفتتح دائرة خاصة به، هي دائرة فنون الكوخ. ففي تشرين الأول ٢٠١٤، بنى كوخاً في الريف قريباً من الأهوار، يبدو رائعاً من خلال الصور التي أرسلها لي والتي ينشرها على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع عمله في الكوخ واستمراره في الرسم، منح جلّ وقته لتلاميذ، بنات وأولاد، في مدرسته الابتدائية، وبينهم من يسير لكيلومترات كي يصل إليها وزرع فيهم الإصرار والإرادة.
وهو فخور يشير إلى تفوق تلاميذه في الامتحانات الوزارية وفي المسابقات الفنية والأدبية.. مع بدء العطلة الصيفية في العام الماضي، سيطرت عليه فكرة حملة لتمويل بناء مدارس من الطين، لسببين: أولهما “نحن أبناء حضارة الطين”، و الثاني “أكداس الإسمنت المتحجر وهياكل المدارس الجاثمة والرمل والحصى”، كما كتب في رسالته، وكان يقصد الإشارة إلى الآلاف من المدارس التي هدمت بحجة إعادة بنائها خلال فترة وزير التربية السابق واستمرت من دون بناء وإشارته تلك كنت شاهدة عليها، فمدرستي القديمة في كركوك، أمرّ عليها يومياً في طريقي إلى العمل وهي مهدمة منذ ٢٠٠٩ و في الموقع جدران إسمنتية مصنعة وكمية من الحديد ومواد البناء.. وقطعاً فإن الوضع في الناصرية وريفها مستمر استناداً إلى استمرار وضع الهدم لمدرستي. كانت فكرة الركابي التي لم تَر النور بسبب الافتقار إلى الدعم هي “بناء مدارس الطين التي تؤمّن الجمال والرصانة والديمومة وتكون على شكل بيت بغدادي أو دمشقي فيه باحة ونافورة أو حديقة دائرية وستة صفوف وإدارة وحمامات على أرضية صب مرتفعة وممكن تغليفها بطابوق من الخارج وكلفة المدرسة قد لاتصل إلى أكثر من خمسة ملايين دينار فقط”.. وأفكار كهذه غير ممكنة التنفيذ، لأن لا مجال للفساد والعمولات فيها.
حاول الركابي ويحاول مع تلاميذه وأهلهم تنمية الفرد من الداخل، أي تنمية الذات ليزيد مساحة الوعي ويقطع الطريق على من يستغلهم، خاصة في الانتخابات، أو كما يقول “كي لا يتم التلاعب بهم “.. ويؤكد: “نحن نلعب في الوقت الضائع”، لكنه يصر على النجاح، تراجع خطوة وترك المدينة ويراها مهمة لتنظيم المسار، خاصة أن “الرؤية في الريف والبراري تكون أوضح”.
من يدعم فكرة الركابي ويسجل هدفاً في الوقت الضائع؟ و الكرة التي قارب هواؤها على النفاد في ملعب وزارة التربية و لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب.