هل الغناء حلال أم حرام؟
عامر بدر حسون/
حلال أم حرام؟ سؤال طرح منذ أول “اوف” انطلقت بها حنجرة مثل المعجزة!
المتشددون في الحياة، وليس في الدين، لفّوا وداروا ليخرجوا بتحريم جزئي أو كلي للغناء، واسندوه بعشرات المصادر والتخريجات. وكانوا وحدهم في الساحة، فهم من يقرأ ويكتب، وهم من يملكون كتب الاسلاف الصالحين، وهم من يعرف التشريع الدنيوي والالهي.
وهكذا مرت الأيام: الشيخ يتشدد في التحريم والمنع، والحنجرة المعجزة لا تملك سيطرة على (الأه) و(الأوف) فتنطلق مناغية طائرا أو شاكية زمنا أو.. متغزلة ومتوددة لحبيب.
وكما هو شأن التشدد، فقد وصل في نهاياته (المفتوحة حتى الآن) الى ترتيل القرآن الكريم، الذي يقرأ وفقا للمقامات الغنائية بكل دقة وابداع، فاصدر بعضهم الفتاوى (من المتأخرين) بتحريم سماع القرآن بصوت المقريء عبد الباسط عبد الصمد وغيره كثير، وصارت اكثر القنوات الدينية تقدم ترتيل القرآن بنمط واحد تقريبا!
(وافتح قوسا هنا لاقول انني لم اطلع في الصحافة العراقية، وطيلة نصف قرن تقريبا، على مقالة واحدة تناقش هذا الموضوع أو سواه من الموضوعات “غير المهمة”. فالصحافة والكتابة العراقية موضوعها الأثير والوحيد هو الشعارات والأفكار.. وهي تهرب من الحياة واحتياجات الانسان فيها وتحدياتها، حتى لو كان موضوع الغناء الذي كثر فيه التحريم وكثر فيه الاستماع ايضا!)
وليضع القاريء الشاب هذه الركيزة أمامه، وهو يواجه ممنوعات الكبار في السياسة أو الدين والثقافة أو اي شيء.
هذه القاعدة تقول: “الأصل هو الاباحة ما لم يكن هنالك نص يمنع”
يعني أصل الأشياء والأفكار والأفعال هو الاباحة. ففي القانون “ لاجريمة دون نص قانوني” وهي مأخوذة من التشريع الديني الذي حدد المحرمات (القتل والسرقة والزنا والحاق الاذى بالغير وما الى ذلك من المحرمات الواردة في الكتب السماوية) ونتحدث هنا عن القرآن الكريم الذي لم يرد فيه نص يحرم الغناء.
وذات يوم من العام 1944 جلست أم كلثوم والشاعر بيرم التونسي والملحن زكريا احمد وادلوا برأيهم في هذه القضية، و(أفتوا!) ولكن باسلوب فني كانت خلاصته هذه الكلمات:
برضاك يا خالقي .. لا رغبتي ورضاي
خلقت صوتي ويدّك .. صوّرتْ أعضاي
ابلغ بصوتي يا ربي .. مقصدي ومناي
لما اناجيك .. ولما تستمع شكواي