و ” ألو “
نرمين المفتي /
“هذا اللي عندك يا أختي عارض روحاني يؤثر على كل نشاطاتك الحياتية وممكن يسوي مشاكل صحية ما يكدر الطب الحديث على اكتشافها بس الحل عندي”.
هذا جزء من حوار على قناة فضائية واضح من أرقام التلفونات التي تظهر أسفل الشاشة أنها تبث من دولة عربية، وصاحبها يحمل لقب دكتور ويبدومن لهجته أنه عراقي..ولأن (الحل) عنده فقط، يقول “وخليكي معنا”.. و.. انقطع الاتصال.
ويقول الدكتور بأنه طالب مرارا من الذين يتصلون به أن يشحنوا رصيد لتلفوناتهم ويضيف “مبين الرصيد خلص، ومبين أن أختنا ما محسبة طول المكالمة”. .. ويستدرك “ويجوز انقطع الاتصال بسبب الأحوال الجوية اللي دا تشوش الاتصالات “.
و”ألو”، و”اتفضل اخي ولا تخاف مش راح اكول اسمك، الكونترول بلغني”..
والدكتور الروحاني العراقي يستخدم عدة لهحات عربية في جملة واحدة، ويسأل “شوكالك الدكتور”
المتصل “كال حيوانات ماكو”
الدكتور الروحاني “الطبيب ما يكول حيوان ما في، يكول فيه عدك ضعف وهيك اشي”.
المتصل “هوكال حيوانات ماكو”. الدكتور الروحاني “ليش هو بكيف الطبيب، علاجك عندي، راح اردلك المطلوب منك وشي شوي وتخابر وتكول مراتي حامل”.. ومن ضمن المواد المطلوبة من المتصل، مادة غالية، كما يؤكد الدكتور الروحاني وموجودة عنده فقط وهو على استعداد أن يرسلها له والتكاليف كلها على حساب المتصل..
وبانتظار مكالمة جديدة، يرفع الدكتور الروحاني ورقة أمام الكاميرا، مرسومة عليها اشكال هندسية وفي داخلها رسومات وكلمات غير مفهومة، ويقول “وعدتكم ان أعلمكم الاعمال البسيطة للخير، صوروا هايدي الورقة وخدوا بالكن من الطلاسم، لازم تسوون نفسها ولا تنسون اسم الشخص واسم أمه.. و”ألو”..
هذا الدكتور الروحاني واحد من مئات (الدكاترة) الذين لا يعرف المتصل بأي موضوع نالوا الدكتوراه ولا يعرف من اين جاؤوا بالمبالغ الكبيرة لامتلاك فضائية وبعضهم أصبحت لديه فضائيتان او أكثر.. هؤلاء يستغلون مشاكل المشاهدين/ المشاهدات ويعرفون كيف يغازلون حاجاتهم ويكسبون الملايين ويقال إن (رزق الهبل على المجانين) ولكن هؤلاء ليسوا (هبل) ابدا، انما أذكياء بخبث ويعرفون كيف يستدرجون الذين أنهكتهم المتاعب، صحية وعاطفية، بل وصل الى حد ان يتصل بهم عاطلون عن العمل على أمل أن يوفر لهم هؤلاء وظيفة ما، وربما يصرف عاطل ما أموالاً كانت ستوفر له عملا خاصا يعتاش منه.. وتحول بعض هؤلاء (الدكاترة الى الفيسبوك وصارت لديهم صفحات، بعضها محمية، اي مسجلة وممولة، وفيها الكثير من اعلانات السحر والأعمال للرزق والسيطرة على الزوج اوالزوجة والى آخره من الأعمال وصولا الى السيطرة على (رئيسك في العمل) و(تكون وحدك في الساحة)..
ظاهرة بحاجة الى دراسة اجتماعية جادة ورصينة، مسبقا نعلم أن التعب يدفع بالإنسان الى التشبث بقشة حتى إن كان (دكتورا روحانيا) تعرف مسبقا أنه كاذب ولكنه بخبثه يعرف كيف يستدرجك لتخبره بما تعانيه دون ان تشعر، ونعرف مسبقا أن حالة مرضية قد تبدو بلا شفاء لشخص عزيز يدفعك لمثل هؤلاء وفي المحصلة لن تكسب سوى قبض ريح..
و”ألو”
وقبل أن ينقطع الخط، من يحمي الناس من هؤلاء ؟ ادارات الأقمار الصناعية، الشرطة الالكترونية، التوجيهات والوعي، اوماذا؟ وأخشى أن ينقطع الخط قبل الجواب..