آمنة أتيلا.. نخلة عراقية تُثمر في كامبريدج
آية منصور /
لم تكن الفتاة العراقية القادمة من كركوك، آمنة أتيلا، ذات الستة عشر ربيعاً تعلم أن اقتراح مُدرستها في المدرسة على التقديم للامتحان العالمي السنوي الذي تقيمه جامعة كامبريدج، سيحملها إلى طريق الفوز عالمياً بالمركز الأول على أكثر من ٢٥٠ طالباً. آمنة الطالبة المجتهدة، استمعت جيداً لكلام مدرستها وبدأت فعلياً في التقصي عن هذه المسابقة الدولية مدة ليست بالقصيرة وتمكنت من اجتيازها بجدارة وثقة عراقية خالصة!
الإنكليزي في كامبريدج
تؤكد والدة آمنة لـ(مجلة الشبكة) أن صغيرتها فتاة ذكية وسريعة البديهة، لذا فضلوا إدخالها إلى مدرسة أهلية من أجل إتقان اللغة الإنكليزية، اللغة التي كانت آمنة مولعة بها، تقول:
– حينما أخبرتني آمنة عن اقتراح مُدرستها خوض هذه التجربة، لم أكن خائفة على ابنتي مطلقاً، أخبرتها أن تكثف جهودها وتمارينها وأن تستعد للفوز لأنها تستحقه!
كانت المسابقة التي تجريها جامعة كامبريدج متعلقة باللغة الإنكليزية وفروعها وموضوعاتها، وباختصاصات عديدة، لكن وقبل الاختبار الأساسي، كان اختبار المدرسة الخاصة بآمنة، الذي على إثره تختار المدرسة من يمثلها، اذ تخبرنا آمنة بفرح وحماس كبيرين:
– سجلت اسمي، وتسلمت الفيديوهات والكتب المتعلقة بالاختبار الكبير، أمهلونا وقتاً قدره أسبوعان من أجل المراجعة والمذاكرة، ثم خضنا الامتحان الأولي في المدرسة.
الفضة قبل الذهب
وتمكنت آمنة من حل ١٠٠ سؤال خاص باللغة الإنكليزية في مكتبة مدرستها في مدة ٩٠ دقيقة، وبعد الاختبار حازت الميدالية الفضية، التي أهلتها للتوجه الى جامعة كامبريدج لإتمام بقية الاختبارات.
أسئلة حول ولكل العالم!
بعد شهر من المراجعة والدراسة، اتجهت آمنة نحو الجامعة الأعرق، بكل ما تملك من ثقة وإصرار، وتشجيع من عائلتها، لتواجه أكثر من ٢٠٠ طالب من مختلف دول العالم وتدخل في أكثر الامتحانات صعوبة وحرفية، اذ تخبرنا:
– في الاختبار الأول، كان هنالك ١٠٠ سؤال مقسمة على ٩٠ دقيقة، ثم المناظرة الفردية التي تعتمد على التفكير بجواب في أقل من ٣٠ ثانية، ودقيقة للإجابة عليه، في حين كانت المناظرة الجماعية تعتمد على إجابة رئيس الفريق بدقيقتين أو ثلاث في أقصى تقدير، أما في اختبار الكتابة المبتكرة فتعطى للطلبة رؤوس أقلام عن موضوع معين ويقوم الطلبة بإنشاء قصص عن تلك الموضوعات من مخيلاتهم.
علوم وتكنلوجيا وأسئلة
كان المسؤولون عن هذه الاختبارات أساتذة من مختلف الجنسيات، وكانت الاختبارات تجرى في قاعات مختلفة وحسب توزيع الطلبة للاختصاصات التي اختاروها، اذ يحق للمتقدم للمسابقة اختيار التخصص المناسب له، واختارت آمنة قسم العلوم والتكنلوجيا لحبها الشديد لهما.
أما أسئلة الاختبارات فإنها بالطبع كانت من الكتب والأفلام والفيديوهات التي سُلمت للطلبة، وكانت الأسئلة مختلفة بين طالب وآخر، حسب الورقة التي يتم سحبها.
– أحد الأسئلة كان “ما الابتكارات التي ستقومين بها لو أصبحتِ رئيسة لدولتك في ٢٤ ساعة؟” فضلاً عن عدد من الأسئلة في المناظرة الجماعية حول النباتيين وغير النباتيين.
العراق أولاً
لم تتوقع آمنة، بعد كل هذا، أن تفوز بالمركز الأول على الطلبة جميعاً لتعود الى بلادها حاملة لقب “الأولى في كامبريدج” ولتحتفل بها العائلة احتفالاً يليق بشجاعتها، اذ تؤكد لنا آمنة أن حب عائلتها هو من جعلها أكثر قوة وقدرة على الفوز.
– عائلتي تشجعني دائماً على تحقيق أحلامي في المستقبل والحرص على نيل شهادة أكاديمية، لأنها سلاح الفرد وأنا بشهادتي التي أعدّها سلاحي أستطيع أن أواجه كل شيء.
ولا تنسى آمنة كذلك مساندة مدرساتها وتشجيعهنّ من أجل الفوز، اذ ترى أن تحفيز المعلم لطلبته يساعد كثيراً على تخطي العقبات.
المال حجر عثرة
يذكر أن آمنة، نجحت من الخامس الإعدادي بمعدل (٩٥) وهي اليوم تتحضر لدراسة السادس الإعدادي والامتحانات الوزارية وتطمح وبشدة للتخرج بمعدل عالٍ من أجل دراسة الطب في كامبريدج، لكن ما كل يتمنى المرء يدركه، اذ يخبرنا والد آمنة، السيد أتيلا، أن تكاليف الجامعة باهظة جداً وتتراوح ما بين ١٠ آلاف دولار حتى الستين ألفاً سنوياً، وهذا مبلغ كبير لا تستطيع العائلة توفيره، لكن آمنة ستحاول كما تخبرنا، وستنجح.
– منذ فوزي، وحلم دراستي في كامبريدج نصبَ عيني، وسيتحقق إن شاء الله.