أسعارالبنزين.. بين المحسَّن والسوبر

322

نور اللامي /

أزمة تلو الأخرى تجتاح البلاد والعباد، بعضها مفتعل وبعضها حقيقي وبعضها لا يعرف له سبب. واحد من أكبر مخاوف العراقيين اليوم هو توقع ارتفاع أسعار البنزين بين الحين والآخر، حتى بات هذا الهاجس مرافقاً لهم في يومياتهم، ما اضطر وزارة النفط العراقية الى محاولة إيجاد مخرج لأي قرار تتخذه وتخشى أن يؤجج الشارع ضدها، ولاسيما في ما يتعلق بأسعار البنزين،إذ لم تعلن وزارة النفط رفع سعر البنزين العادي ولا المحسن، إنما أعلنت عن طرح منتج ثالث للأسواق هو (البنزين السوبر)، وهو بنزين عالي النقاوة تصل نسبة الأوكتان فيه الى ٩٨% بينما هي في (المحسّن) ٩٥% وسعر اللتر الواحد من السوبر -كما أعلنت الوزارة- يصل الى ١٠٠٠ دينار.
قال مدير شركة توزيع المنتجات النفطية (حسين طالب) إن البنزين السوبر مستورد بالعملة الصعبة، ويتوفر له دعم حكومي بقيمة ٤٠٠ دينار للتر، وأضاف أن السعر قابل للتغيير الدوري وفق تطورات أسعار السوق العالمية، وقد حددت محطتان في بغداد هما محطة الرسالة في الكرخ ومحطة موسى بن نصير في الرصافة لتجهيز مركبات المواطنين بالبنزين عالي النقاوة(السوبر)، أما باقي المحطات فسوف تستمر بتجهيز البنزين المحسن بسعر ٤٥٠ ديناراً للتر، والممتاز بسعر ٦٥٠ ديناراً.
تهريب النفط سبباً!
تسببت الأزمة الروسية- الأوكرانية بارتفاع أسعار المنتجات النفطية العالمية، ما كبّد وزارة النفط العراقية خسائر كبيرة من جراء استيراد المنتجات النفطية المكررة، إذ وصلت الخسائر الى ثلاثة ملايين لتر سنوياً للبنزين المحسن، هذا ما جاء على لسان (إحسان موسى)، معاون المدير العام لشركة توزيع المنتجات النفطية، الذي قال: بعد أن استهدفت العصابات الإرهابية مصفى بيجي عام ٢٠١٤، حدث نقص واضح في منتجاتنا النفطية، وأهمها البنزين وزيت الغاز، وهو الأمر الذي دفعنا الى استيرادها من الخارج، إذ أن مصفى بيجي كان يجهز من ٦٠ الى ٦٥ بالمئة من حاجة السوق العراقية للبنزين. مشيراً الى أن معدل النمو المتسارع له أيضاً دور كبير، وهذا النمو حصل بفعل التهريب الى الإقليم بسبب فرق السعر بين المركز والإقليم، وقد بلغت تلك الخسائر سبعة ملايين لتر بنزين وخمسة ملايين لتر من زيت الغاز، كل تلك الظروف دفعتنا الى إيجاد خطط بديلة تمثلت باستيراد البنزين السوبر الذي جرى طرحه في المحطات مطلع شهر أيلول بسعر ١٠٠٠ دينار للتر الواحد وبدعم ٤٠٠ دينار، وهذا يعني أن الوزارة تخسر ما يقارب الثلاثة ملايين لتر سنوياً بسبب الدعم الذي تقدمه للمواطن العراقي. وأضاف أن الاستيراد يجري عن طريق (شركة سومو) التي تتعامل مع الدول الأوروبية ودول شرق آسيا وأيضاً دول الخليج، وكذلك نحاول الإسراع بافتتاح مصفى كربلاء الذي نأمل أن يجهز البلد بتسعة ملايين لتر يومياً من البنزين عالي النقاوة ضمن مواصفات (يورو-5) وستة ملايين لتر من زيت الغاز ومليوني لتر من النفط الأبيض.
تعويض الخسائر
فيما يرى الخبير الاقتصادي (نبيل جبار) أن الجدوى الاقتصادية من طرح منتج (البنزين السوبر) هو لتعويض خسائر وزارة النفط بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية بعد أحداث حرب روسيا وأوكرانيا، لذلك تحاول الوزارة امتصاص أو تقليص حجم الخسائر بسبب استيراد البنزين المحسن، فيمكن تسمية المشروع (مشروع تخفيف الخسائر)، كما أن البنزين السوبر أعلى مواصفات من المحسن بمعنى أن المحسن يعد درجة ثانية، لأنه خليط بين العادي والسوبر، وأضاف أن هناك مشروعاً آخر هو مصفى كربلاء الذي يمكن أن يسهم في تقليص حجم الاستيراد للمنتجات النفطية بنسبة ٥٠% ، لأنه قادر على تصفية ١٤٠ ألف برميل يومياً، وهذا يعد أحد حلول وزارة النفط العراقية.
خطة خبيثة
تبدو هناك صدمة على وجه المواطن عندما يرى لافتة مكتوب عليها (اللتر ١٠٠٠ دينار)، فيسارع إلى السؤال بقلق “شنو رفعوا سعر البانزين؟!” حتى قبل أن يكمل قراءة كلمة (السوبر) او استيعابها لأنه لم يألفها من قبل. هذا ما أكده المواطن ( أبو فراس)، وهو موظف تعبئة في إحدى محطات الوقود في بغداد (بوزرجي)، موضحاً أنه بعد خبرة عشرين عاماً في هذه المهنة، لا يرى أية جدوى من طرح السوبر، لأنه لا يختلف -حسب تعبيره- عن البنزين المحسن من حيث قابلية الاحتراق وتأثير المحركات ودرجة الأوكتان والحرار. ويقول (أبو فراس): المواطنون لا تهمهم كثيراً درجة او درجتين من النقاوة، ٩٨ بالنسبة لهم تشبه ٩٥، وهذه الثلاث درجات لا تشكل فرقاً، لذا فإنهم يرونها خطة خبيثة لرفع سعر البنزين.
تسمية جديدة
يقول المواطن (عادل إبراهيم): سيارتي (كوستر) حديثة ومحركها يتأثر بنقاوة البنزين من أول (تفويلة) ويفرق عندي بأداء السيارة مؤكداً: عندما كان المحسن بسعر ٨٥٠ ديناراً كان جيداً جداً، لكن بعد أن خفض الى ٤٥٠ ديناراً أصبح أقل نقاوة بشكل ملحوظ ، والآن بعد ان جربت البنزين السوبر الجديد، اتضح لدي أنه نفسه البنزين المحسن القديم الذي كان يطرح بسعر ٨٥٠ ديناراً، لكن بتسمية جديدة وسعر أعلى، بمعنى أن الوزارة لم تقم سوى بتغيير المسميات، لكن درجة الأوكتان هي نفسها القديمة، قللوها بالمحسن ليطرحوها بالسوبر.