أقل كلفة.. أكثر أماناً توجهات لتطوير قطاع الر بط السككي

345

طه حسين /

لطالما وفرت خطوط السكك الحديد منفذاً حيوياً مهماً لعمليات التبادل التجاري بين البلدان، بالأخص في البضائع والسلع التجارية من مصادرها الصناعية الى باقي الدول المستهلكة، ولاسيما أن تكاليف النقل بواسطة القطارات تكون أقل كلفة وأكثر أماناً من باقي وسائل النقل الاخرى.
بدأت مشاريع الربط السككي في العراق منذ مطلع القرن الماضي، بالتحديد بعد أن قررت الدولة العثمانية، بالتعاون والتنسيق مع الإمبراطورية الألمانية في حينها، مد خط سكة حديد يربط بغداد بالعاصمة الألمانية برلين مروراً بالأراضي التركية، الذي شكل في وقته نقلة نوعية وتطوراً كبيراً في عمليات النقل بين قارتي آسيا وأوربا.
مشاريع ستراتيجية
عقود جديدة
مدير عام الشركة العامة لسكك حديد العراق طالب الحسني، أوضح أن الشركة جادة في تنفيذ عدد من مشاريع الربط السككي بين العراق ودول الجوار. مشيراً الى أن هذه المشاريع هي من بين المشاريع الستراتيجية التي تعمل الشركة على تنفيذها لدعم الاقتصاد المحلي للبلاد. لافتاً الى أن من بين تلك المشاريع، مشروع الربط السككي بين العراق وتركيا، إذ وقعت الشركة عقداً مع شركة “بي إي جي (PEG) الإيطالية”، التي ستكون مهمتها إعداد التصاميم الخاصة بخطوط السكك الحديد، وكذلك الربط السككي للقطارات الحديثة التي تبدأ من الفاو مروراً بالبصرة ثم بغداد وصولاً إلى الحدود التركية بطول (1220) كيلومتراً. مبيناً أن سرعة القطارات المخصصة لنقل الركاب تبلغ (260) كيلومتراً في الساعة، فيما تبلغ سرعة القطارات المخصصة لنقل البضائع(160) كيلومتراً في الساعة.
مرحلة التنفيذ
أضــاف الحسيني أن الشركة قامت بإعداد خطط ودراسـات للنهوض بواقع قطاع السكك الداخلي والربط مع دول الجوار، ولاسيما مع كل من تركيا وسوريا، إذ مازالت المباحثات والمناقشات مستمرة بين تلك الأطــراف لما لذلك من تأثير وفاعلية جيدة فـي تعزيز البنية التحتية الاقتصادية والتبادلات التجارية والـنـهـوض بالصناعة والسياحة بين العراق وتلك الدول. لافتاً الى أن آليات تفعيل الربط السككي بين العراق وسوريا دخــلت مرحلة التفاهمات لتأمين المتطلبات الفنية واللوجستية اللازمة من خلال التنسيق المشترك لتنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي يخدم البلدين، فضلاً عن أن ملاكات الشركة كانت قد استكملت الدراسات المتعلقة بمد سكة حديد من مدينة الفاو نحو مدينة فيشخابور، ثم نقطة الربط مع تركيا.
الاقتصاد الحكومي
وبيّن مدير عام السكك الحديد أن الشركة، سعياً منها في دعم البرنامج الاقتصادي للدولة العراقية متعدد الفقرات، الذي يضع ضمن أولوياته الانفتاح على البوابتين العربية والعالمية، تعمل على إنشاء مشاريع ستراتيجية تسهم في إحداث قفزة نوعية للاقتصاد الوطني، من ضمنها البدء فعلياً بتنفيذ مشروع ستراتيجي سككي ينطلق من جنوب البلاد مروراً بالأراضي التركية صوب القارة الأوروبية. مبيناً أن مشروع الربط السككي يأتي بالتزامن مع المباشرة بإنشاء ميناء الفاو الكبير في جنوبي العراق البالغة طاقته تسعة وتسعين مليون طن سنوياً، فيما تبلغ مساحته أربعة وخمسين كيلومتراً مربعاً، ليكون بذلك من أكبر الموانئ المطلة على الخليج العربي والعاشر على مستوى العالم، ويحتوي على خمسة أرصفة للحاويات وساحة تخزين وقناة ملاحية خارجية. لافتاً الى أن العراق لا يمتلك حالياً أية خطوط سكك حديدية مع دول الجوار، ويعتمد في عمليات التبادل التجاري على المنافذ البرية والبحرية. منوهاً بأن الحكومة الحالية لديها الرغبة الحقيقية في تنفيذ مشاريع الربط السككي مع دول الجوار، وذلك لأهميتها في قطاع النقل باعتبارها ركيزة أساسية لتطور البلدان وانتعاشها الاقتصادي والحضاري.
تأهيل سكك الحديد الداخلية
وأشار الحسيني إلى أن الملاكات الهندسية للشركة تقوم بإعادة إعمار الخطوط التي تضررت أثناء احتلال العصابات الإجرامية لعدد من مناطق البلاد، او من جراء العمليات العسكرية التي رافقت تحرير تلك المدن من دنس العصابات التكفيرية الإجرامية، من بينها خط “بغداد – الفلوجة” بطول ستة وستين كيلومتراً، إلى جانب إعادة تأهيل خط سكة “بغداد – بيجي” لغرض نقل المشتقات النفطية من مصفى الصمود في بيجي، كذلك من بينها خطا سكك حديد مصفى القيارة وحمام العليل.
وأضاف أن الشركة باشرت أيضاً بإنشاء سكك بديلة في محطة مؤقتة بعد أن جرى تدمير محطة قطار الموصل بشكل كامل. مبيناً أن الخط جاهز حالياً لسير قطارات البضائع فقط. لافتاً إلى أن الخطة الخمسية للسكك مرهونة بالحصول على المخصصات المالية، وتتضمن تنفيذ مشروع القطار المعلق الذي يربط الرصافة بجانب الكرخ بطول اثنين وعشرين كيلومتراً، فضلاً عن مشروع “كربلاء – مسيب – النجف – سماوة”؛ الخط القوسي، ويهدف لنقل بضائع المسافرين ضمن نطاق محافظات الفرات الأوسط وإلحاقه بالجنوب والوسط والشمال، إضافة إلى مشروع القطار المعلق بين محافظتي النجف وكربلاء، الخاص بنقل المسافرين. مشيراً الى أن خطوط سكك الحديد في البلاد تعاني من مشاكل عديدة، منها نقص الوعي والثقة عند المواطن العراقي في نظام النقل بالسكك الحديدية.
مردودات مالية
فيما قال الخبير الاقتصادي ضرغام علي، إن “مشروع الربط السككي الذي ينطلق من جنوب العراق مروراً بالأراضي التركية حتى القارة الأوروبية -حسب التصريحات الرسمية لوزارة النقل- مشروع مهم، لأنه سيعمل على توفير مردودات مالية للاقتصاد المحلي للبلاد عن طريق الترانزيت وعمولة حمل البضائع والمسافرين.” مبيناً أن ذلك يتطابق مع الخطة التي تنتهجها الحكومة العراقية، التي تستند في عملها إلى مبدأ الاستثمار والانفتاح التجاري والاقتصادي مع جميع الدول. مؤكداً أن هذه المشاريع ستكون بوابة مالية جديدة للبلاد، إضافة الى أن إنشاء شبكة السكك سيعمل على خلق مدن جديدة تسهم في الحد من حاجة العراق الى الوحدات السكنية. مؤكداً -في الوقت نفسه- ضرورة عمل الحكومة العراقية على تمويل مشاريع جديدة في إطار برنامج تحسين سلامة سكك الحديد كونها أكثر ستراتيجية اقتصادية مجدية وأيضاً لحماية الطرق والحد من كلفة الصيانة المستمرة.