الأنماط الاستهلاكية وسوء إدارة الموارد الفردية
بغداد ضرغام محمد علي/
تمتاز السوق العراقية بأنها سوق استهلاكية بامتياز، إذ غالباً ما تستهلك مائدة المواطن العراقي أكثر من حاجته الفعلية، وهو ما يولد هدراً في السلة الغذائية لعائلات كثيرة، كذلك يميل المجتمع العراقي الى استهلاك الزيوت والسكر والدقيق المكرر بصورة كبيرة، بما يفوق قدرة جسمه على التعامل معها،
عناك ممارسات ترفع نسب الإصابة بأمراض الضغط والسكري والمفاصل والسمنة المفرطة في مجتمعنا ضمن ما يسمى بـ (النمط الاستهلاكي).
الأنماط الاستهلاكية
تعرف الأنماط الاستهلاكية بأنها “الميول الاستهلاكية التي تصف خصائص استهلاك مجتمع ما للموارد المحدودة.” وتختلف المجتمعات في أنماطها الاستهلاكية حسب تراث المجتمع وتقاليده وميوله الاستهلاكية وحجم ميزانية الفرد وقدرته الشرائية، فمثلاً نجد أن تربية الأرانب ناجحة في مصر، كحيوانات داجنة، بسبب نمطهم الاستهلاكي للحومها، لكنها ليست كذلك في مجتمعات أخرى، كذلك يعد المجتمع العراقي مستهلكاً نشطاً للسلع الغذائية، الطازجة والمصنعة، والمواد المنزلية والكهربائية، وهو ما يتشارك به كنمط استهلاكي مع دول الخليج ومعظم الدول العربية التي تسرف في تصنيع منتجات الدقيق الأبيض، الذي يعد جزءاً أساسياً من الاستهلاك المحلي، إضافة الى الأثاث المنزلي والمكتبي والسيارات بأنواعها، الرخيصة والفارهة، والدراجات بأنواعها، وسلع أخرى قد لا تشترك معه في كميات استهلاكها دول الجوار.
نظم استهلاك المجتمعات
نلاحظ اختلاف المجتمعات في الأنماط الاستهلاكية، بدءاً من حجم الاعتماد على نوع من الموارد والأغذية كاللحوم، إلى فترات الاستهلاك كالصيف، والميزانيات المخصصة لذلك. فيما تكون الأنماط الاستهلاكية للغذاء وأولويات الاستهلاك في دول شرق آسيا وأروبا، بالاعتماد غالباً على الأغذية النباتية واللحوم البيضاء والرز والقمح الكامل، وتقليل استهلاك الغذاء العالي السعرات والمعالج صناعياً، حتى وصل الأمر الى فرض ضرائب مرتفعة على منتجات الدقيق الأبيض في بعض البلدان لتقليل استهلاك المخبوزات البيضاء وتشجيع استهلاك الحنطة الكاملة.
الانماط الزمنية للاستهلاك
نجد أن هناك بعض السلع الموسمية يكون الطلب عليها في مواسم محددة أكثر من بقية اشهر السنة، كالمواد الغذائية في رمضان، والمنتجات الورقية والحقائب والألبسة في بداية العام الدراسي، وهو ما يشكل أزمة في ارتفاع أسعارها بسبب زيادة الطلب على حساب العرض في هذه المواسم، وهو ما يستوجب خلق ثقافة استهلاكية سليمة عبر التوعية بضرورة عدم حصر التسوق في مواسم محددة وتقسيمها بين مراحل زمنية.
السلع الضارة
فيما تلجأ بعض الحكومات الى فرض الضرائب والرسوم المرتفعة على السلع الاستهلاكية الضارة، كالتبغ والكحول، لتجنب العادات الاستهلاكية الضارة، او التقليل منها، في حين تقلل هذه الرسوم عن سلع مهمة كالمواد الغذائية الأساسية والأدوية والمستلزمات الطبية، عدا تلك التي يمكن تصنيعها محلياً.
الميزان التجاري والنمط الاستهلاكي
تعد عملية تهذيب السلوكيات الاستهلاكية وتوجيهها أكثر نحو التقنين والإنتاج عبر تثقيف المجتمعات وسن قوانين تتناسب مع هذه التوجهات، إضافة الى جهد الحكومات في توعية المجتمعات بثقافة استهلاك صحيحة تعزز الموارد وتحافظ عليها وتقنن الهدر والإسراف.
السلع الزراعية
تخضع السلع الزراعية بأنواعها، النباتية والحيوانية، هي الأخرى الى الأنماط الاستهلاكية، فالمجتمعات الغربية بدأت بنشر ثقافة استهلاك الخضار الطازجة على حساب المصنعة، والخضار على اللحوم، كعادات غذائية صحية تحافظ على البناء الصحي للمجتمعات، وترفع معدلات العمر لسكانها، حيث تتسم المجتمعات التي تتبع أنماطاً استهلاكية سليمة وصحية بطول أعمار سكانها، وقلة احتياجهم للعلاج، في حين تتراجع معدلات الأعمار وتزداد نسب الحاجة للخدمات الطبية في المجتمعات التي لا تراعي سلامة أنماطها الاستهلاكية.