
التخطيط تراجع معدلات الفقر .. مسوحات ميدانية لخطط ستراتيجية
مصطفى الهاشمي
تبنت الحكومة، ممثلة بوزارة التخطيط، ستراتيجيات متعددة للحد من معدلات الفقر في البلد، محققة نجاحاً في ذلك إلى حد ما، ولاسيما بعد تقليص المعدل بشكل واضح خلال السنتين الأخيرتين من 23 % الى 17.6 %، وهذا يؤشر أن السياسات التي وضعت في هذا الإطار حققت جانباً كبيراً من أهدافها.
عن أهم الأسس التي تستند إليها وزارة التخطيط في تسجيل أو تأشير معدلات الفقر في العراق. يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي: إن “الأرقام التي تعلنها الوزارة بهذا الخصوص مأخوذة من مسوح ميدانية تنفذها هيئة الإحصاء التابعة للوزارة، التي نفذت المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسرة في العراق، واستمر سنة كاملة منذ آب 2023 وانتهى في أيلول 2024، وكان كاشفاً لواقع الفقر والبطالة في الوقت نفسه.”
صورة دقيقة
يوضح الهنداوي في تصريح لمجلة “الشبكة العراقية” أن “هذا المسح يعد واحداً من أهم المسوح الإحصائية التي تنفذها هيئة الإحصاء بشكل دوري كل عدة سنوات، كونه يعطي صورة دقيقة -إلى حد ما- عن واقع الفقر، من خلال بيانات تفصيلية، وعن واقع الإنفاق للأسرة العراقية وأبواب الإنفاق، وبالنتيجة يؤشر لنا مستوى الفقر في جميع المحافظات، بما فيها إقليم كردستان.”
يتابع الهنداوي حديثه قائلاً: “بالنتيجة، نعتمد على نتائج المسوح الميدانية التي تنفذها هيئة الإحصاء من خلال أخذها عينات كبيرة وواسعة تمثل كل البيئات (حضراً أو ريفاً)، وعلى أساسها يتم القياس على وفق معايير ومعادلات إحصائية معتمدة دولياً.”
فقر متعدد الأبعاد
وتظهر المسوح انخفاضاً وصل إلى 17.6 % بعد أن بلغ 23 % في العام 2022، وهذا الانخفاض تحقق نتيجة السياسات والإجراءات التي اتخذت من قبل الحكومة وفقا لخطط أو ستراتيجيات مكافحة الفقر في العراق، ونحن نتحدث عن فقر متعدد الأبعاد (الصحة، الدخل، الغذاء، السكن، التعليم).
الإجراءات التي شهدها الواقع في إطار مكافحة الفقر تتمثل بشبكة الحماية الاجتماعية ودعم الأسر التي لديها أبناء في الدراسة، إذ أسهمت برفع الفقراء إلى فوق خط الفقر.
كذلك أسهمت البطاقة التموينية في توفير الغذاء، ككمية ونوعية وانتظام في التوزيع وتأمين السلة الغذائية وإيجاد جو من الاطمئنان الاستهلاكي لدى الفرد من الأسر الفقيرة، رافقها دعم في مجال الصحة، فهناك دعم خاص للأسر الفقيرة والفقراء بشكل عام، أدت هذه الخطط كلها الى تراجع معدلات الفقر.
بالمقابل، فان هذه السياسات ربما لم تحقق أو تسجل كامل أهدافها في ظل ظروف لا تزال غير طبيعية تواجه العراق، ولاسيما في ما يتعلق بالسكن والتخصيصات المالية للمشاريع – بحسب الهنداوي-. عموماً هناك تراجع واضخ في معدلات الفقر، ومن المؤمل ان يستمر التراجع خلال سنوات خطة التنمية الخمسية 23 – 28.
الشركاء والقطاع الخاص
من جهة أخرى، يرى مختصون أن الحكومة لوحدها غير قادرة على تحمل الجهود لتخفيض الفقر في العراق. معللين ذلك بالحاجة إلى تعاون وتشارك بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين، لأسباب متعددة، منها نقص الموارد المالية، والفساد الذي يؤدي إلى هدر الموارد وتقليل فعالية الجهود، إلى جانب نقص الكفاءات والخبرات بسبب الإحالة إلى التقاعد وغير ذلك.
تشير الباحثة الاقتصادية لبنى الشمري إلى أهمية دور القطاع الخاص وإدخاله كشريك للحكومة في تنفيذ ستراتيجيات الحد من الفقر، إذ يمكنه أن يشارك في المشاريع التي تهدف إلى تحسين الخدمات الاجتماعية وتوفير فرص العمل، إلى جانب توفير التمويل، لكون القطاع الخاص يتمتع بحرية أكبر في تحريك أمواله لتمويل المشاريع والبرامج التي تهدف إلى تخفيض الفقر، بعيداً عن البيروقراطية والروتين.
وتؤكد الشمري لمجلة “الشبكة العراقية” أن “القطاع الخاص يمكن أن يوفّر الخبرات والكفاءات اللازمة لتنفيذ المشاريع والبرامج، والمشاركة في التخطيط والرصد والتقييم للبرامج والمشاريع التي تهدف إلى تخفيض الفقر.”
دور أممي
وعن دور المؤسسات الأممية والدولية في الإسهام بتقليص الفقر في العراق، يقول الأكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني: إن “بإمكان تلك المؤسسات توفير التمويل للمشاريع والبرامج التي تهدف إلى تخفيض الفقر، إلى جانب توفير الخبرات والكفاءات اللازمة لتنفيذ المشاريع والبرامج، فضلاً عن الدعم الفني والمشورة اللازمة لتنفيذ المشاريع والبرامج الإصلاحية الهادفة لتخفيض الفقر، مع وجود إمكانية المشاركة في التخطيط والتقييم للبرامج والمشاريع بغية تقليص معدلات الفقر.”