
التعداد السكاني يفتح الباب أمام المشاريع الستراتيجية
علي كريم إذهيب
أعلنت وزارة التخطيط في 24 فبراير/شباط الماضي نتائج التعداد العام للسكان، مشيرة إلى أن عديد سكان العراق بلغ 46 مليوناً و118 ألف نسمة.
وبينت الوزارة أن سكان العراق حسب الحالة الزوجية:
• متزوج بنسبة 54.3 %
• وأعزب بنسبة 41.62 %
• مطلّق بنسبة 1.28 %
• أرمل بنسبة 2.8 %.
وبينت الوزارة أن نسبة 60.44 % من سكان العراق هم من فئة سن العمل (15-64 سنة)، وأن 70.17 % منهم يعيشون في الحضر، و29.83 % في الريف. ويبلغ معدل الخصوبة الكلي في العراق 3.9 %، بينما ينخفض في إقليم كردستان إلى 3.5%.. أما نسبة الأمية في العراق بين السكان (10 سنوات فأكثر) فتبلغ 15.31 %، وترتفع في إقليم كردستان إلى 16.23 %.حسب خبراء ومختصين.
أعلنت وزارة التخطيط الأربعاء 27 فبراير/شباط نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق، إذ أشارت إلى تراجع نسبة الفقر في العراق إلى 17.5 % عما كانت عليه عام 2018 إذ بلغت حينها 20.05 %.
التعداد والخطط الخمسية
تقول عضو البرلمان العراقي زينب الموسوي إن “الأهمية الكبيرة لنتائج التعداد السكاني التي جرى الإعلان عنها مؤخراً، أنها تمثل قاعدة بيانات حيوية يمكن الاعتماد عليها في وضع الخطط الستراتيجية والخمسية للمستقبل.”
وأوضحت الموسوي في حديث لـمجلة “الشبكة العراقية” أن “التعداد السكاني يوفر معلومات دقيقة عن عديد السكان وتوزيعهم الديموغرافي، ما يساعد في تحديد الاحتياجات الفعلية للمواطنين، وتخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية.” مشيرة إلى أن “هذه البيانات ستكون مفيدة بشكل خاص في تحديد الفرص الاستثمارية المتاحة، إذ يمكن من خلالها تحديد القطاعات التي تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات لخلق فرص عمل وتنمية الموارد البشرية”.
وفي ما يتعلق بدور مجلس النواب، أكدت الموسوي “أهمية قيام اللجان المختصة بإعداد دراسات شاملة بالتعاون مع الخبراء والمتخصصين، بهدف الاستفادة القصوى من نتائج التعداد في وضع سياسات تسهم في تقليل مستويات الفقر والتضخم، ودعم القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة”.
وأشارت إلى أن توفر بيانات مفصلة وواضحة يتيح لمجلس النواب فرصة كبيرة لتحسين المستوى المعيشي والاجتماعي للمواطنين، مؤكدة ضرورة أن “تكون للمجلس بصمة واضحة في هذا المجال من خلال تفعيل دور لجانه المختصة”.
وتستبعد الموسوي إمكانية إجراء تعديلات على الموازنة الحالية استناداً إلى هذه النتائج، موضحة أن تأثيرها سيكون أكثر وضوحاً في الموازنات المقبلة.
تنمية المشاريع
يؤشر الخبير الاقتصادي حيدر الشاهين أهمية قصوى للتعداد السكاني، وتأثيره المباشر على تنفيذ المشاريع الستراتيجية في العراق، إذ قال إن “البلد بحاجة دورية لتنفيذ مشاريع البنى التحتية والجسور والأنفاق ومشاريع المياه وشبكات الصرف الصحي وغيرها.”
وأوضح الشاهين، في حديث مع مجلة “الشبكة العراقية” أن “التعداد السكاني واحد من أهم العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على تنفيذ المشاريع، سواء كانت مشاريع حكومية أو استثمارية، إذ يعمل على تحديد احتياجات المجتمع العراقي، فإنه كلما زاد عديد السكان، زادت الاحتياجات الأساسية، مثل الإسكان، والمواصلات، والتعليم، والرعاية الصحية، إذ إن التعداد السكاني يساعد الحكومات والشركات في معرفة أولويات المشاريع التي يجب تنفيذها أولاً”.
كما أن التعداد السكاني له دور مهم في توزيع الموارد المالية، وفق الشاهين، قائلاً إن “عديد السكان وكثافتهم في منطقة معينة يحدد كمية الموارد التي يجب أن توفرها الدولة أو الشركات، مثلًا مدينة عديد سكانها مليون شخص، فإنها تحتاج إلى مستشفيات ومدارس أكثر من مدينة عديد سكانها 100 ألف.”
من وجهة النظر الاقتصادية، فإن التعداد السكاني يساعد في تحديد أفضل أماكن لبناء المشاريع الجديدة، مثل المدارس، والطرق، والأسواق، أي أنه يسهم بالتخطيط العمراني، كما أن له دوراً في الاستثمارات والمشاريع الاقتصادية، لكون الشركات تستخدم بيانات التعداد السكاني من أجل معرفة ما إذا كانت المنطقة بحاجة إلى الاستثمار أم لا.
وأيضًا يرى الشاهين أن “التحديات البيئية، نتيجة ارتفاع عديد السكان، تسبب ضغطاً كبيراً على الموارد البيئية، مثل المياه والطاقة. وفي هذه النقطة تبرز أهمية الحاجة لمشاريع الطاقة المتجددة من خلال معرفة بيانات التعداد السكاني.”
كفاءات بشرية
عضو منتدى بغداد الاقتصادي جاسم العرادي أكد، في تصريح لـمجلة “الشبكة العراقية”، أن التعداد السكاني يمثل خطوة مهمة ومنطلقاً للعمل وفق رؤى دقيقة.
وقال إن “الأرقام التي أعلنها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي تضمنت نسبة 60 % من السكان في سن العمل، وفئة 15 % دون سن العمل، كشفت عن صورة واضحة لما هو مطلوب في المرحلة المقبلة”.
وأضاف أن “هذه المؤشرات يجب أن تكون أساساً لرسم السياسة الاقتصادية، مع التركيز على استثمار الثروة البشرية لتحقيق أعلى مستويات المنفعة، خاصة أن العراق يعد من الدول الغنية بالكفاءات البشرية”.
من جهة أخرى، أشار العرادي إلى أن النمو السكاني المتزايد وترَكّز السكان في المدن يتطلب إعادة النظر في سياسات التنمية، وخصوصاً القطاع الزراعي.
وأوضح أن الزراعة تمثل (نفطاً دائماً)، وأن الحاجة المتزايدة للمحاصيل الزراعية يجب أن تدفع العراق نحو إحياء هذا القطاع، وبالتالي توفير فرص عمل للقوى العاملة في هذا المجال.
في السياق ذاته، لفت إلى أن العراق يمكن أن يستفيد من موارده الأولية لتعزيز الصناعة المحلية، وهو ما يتطلب استثماراً أكبر في القطاع الصناعي لزيادة الإنتاج ورفع الإيرادات المالية للدولة. لافتاً إلى أن الاستفادة من هذه الثروة البشرية سوف تسهم في تعظيم الإيرادات المالية، وتحتاج إلى خطط ستراتيجية يجري تنفيذها في موازنة 2025.
بيانات دقيقة
من جانب آخر، أكد الخبير الاقتصادي الدولي سيف الحلفي أن نتائج التعداد السكاني ستكون بمثابة (خريطة طريق) لتنمية العراق، تمكنه من توجيه السياسات التنموية واتخاذ القرارات الستراتيجية. مبيناً أن “هذه البيانات سوف تساعد في تحسين السياسات المالية والنقدية، ما يعزز الأداء الاقتصادي.”
كما أوضح الحلفي أن “التعداد السكاني يوفر بيانات دقيقة عن البطالة، وفرص العمل، والاختصاصات العلمية المطلوبة في المجتمع، ما يساعد في تقليل البطالة وتحسين مستوى المعيشة.” مؤكداُ على أن هذه البيانات ستمكن من تحديد المناطق الأكثر حاجة للاستثمار، وتوجيه الشركات للاستثمار في القطاعات المناسبة.
وأشار إلى أن “التعداد السكاني سوف يساعد في تحسين البنية التحتية عبر تحديد المناطق التي تحتاج إلى مشروعات جديدة في مجالات الطرق والجسور والمدارس والمستشفيات، فضلاً عن تحسين قطاع التعليم والصحة.” مشيراً إلى أن “التعداد سوف يسهم كذلك في دعم الأنشطة التجارية والمصرفية من خلال تقديم خدمات تتناسب مع احتياجات السكان وتحليل دخلهم”.