ثقافة التســوق في شهـــر رمضـــان هل تؤثر في أسعار صرف الدولار؟!

170

مصطفى الهاشمي – تصوير: حسين طالب /

يتزاحم عدد كبير من المواطنين قبل شهر رمضان على الأسواق لشراء حاجاتهم من السلع الغذائية الأساسية وبكثرة، كنوع من التقاليد التي ساروا عليها منذ سنوات طوال استعداداً للشهر الفضيل. وبالرغم من أن السوق الآن مليئة بالمواد الغذائية، لكن الطلب عليها يزداد بشكل ملحوظ قبيل شهر الصوم، وبالتالي قد ترتفع الأسعار متأثرة بسعر الصرف.
ويشير مدير مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتور (محمود عبد الله جاسم) إلى أن “السوق لم تشهد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، حسب ملاحظات مركزنا، فهي مستقرة نسبياً، لكنها قد ترتفع عند زيادة الطلب على الشراء، وأن الحد من ارتفاعها يعود إلى الجهات الرقابية في وزارة الداخلية من خلال مراقبة الأسعار في الأسواق.”
وعن أبرز ما يمكن شراؤه من قبل الموظفين ومحدودي الدخل من المواد الغذائية في شهر رمضان، رجح جاسم أن “العدس والرز ومعجون الطماطم والزيت والشعرية سيكون الطلب عليها أكبر من غيرها في الشهر الفضيل.”
رقابة صارمة
وأوضح جاسم أن “ارتفاع الأسعار قبيل بدء الشهر المبارك يعود إلى عاملي العرض والطلب، فعندما يكون الطلب كبيراً على شراء المواد الغذائية الأساسية المذكورة، سيصار إلى زيادة استيرادها، ويكون هناك نوع من المضاربة بين التجار.” مبيناً أن “الأجهزة الرقابية مسؤولة عن الحد منها، من خلال فرض رقابة صارمة على الأسواق للحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية، وتوفير الناقص منها بالاستيراد بمعادلة ثابتة، علماً أن التجار لديهم الآن خزين من المواد الغذائية يكفي لأيام الشهر الفضيل.”
وبشأن توفير المواد الأساسية بأسعار محددة، قال جاسم إن “أفضل طريقة لدعم المواطنين محدودي الدخل تكون عن طريق دعم البطاقة التموينية، إذ يمكن لوزارة التجارة أن تأخذ مكان التاجر وتستورد المواد الغذائية وتوزعها بسعر مدعوم على المواطنين.” موضحاً “بذلك سوف تسيطر على أسعار المواد الغذائية الأساسية من جهة، وتحمي المواطن من أن يكون ضحية مضاربات ومزايدات التجار عندما يقل العرض من جهة أخرى.”
دور بحوث السوق
وأوضح جاسم أن “مركزنا مستمر في ملاحظة ورصد حركة الأسواق وتأشير السلبيات الموجودة، كالعادات السيئة للتسوق أو ارتفاع الأسعار.” مؤكداً أن “المركز يقيم الندوات وورش العمل والبحوث، الى جانب الاستطلاعات وتحليل جميع الظواهر التي تطرأ على الأسواق، وبالتالي نرفع توصياتنا بشكل مستمر إلى الجهات العليا لأجل الأخذ بها.”
وعن الحاجة إلى وجود الجمعيات التعاونية لبيع المواد الغذائية بأسعار مدعومة لمحدودي الدخل، قال جاسم: “من المؤكد ضرورة وجود مثل هذه الجمعيات التي تدعم المواطن في أسعار السلع الأساسية، إذ أن وجودها يعد نوعاً من أنواع الحماية للمواطن، ويحد كذلك من ارتفاع الاسعار.”
ضبط إيقاع النفقات
وبخصوص ضبط إيقاع النفقات لمحدودي الدخل والموظفين في شهر رمضان، وسط غلاء أسعار السلع الغذائية الأساسية، قال الأكاديمي الاقتصادي الدكتور (أحمد الحسيني) إن “العراق يعد من البلدان المتوسطة الدخل لغاية العام 2020.”
وتابع الحسيني “لقد تراجع متوسط دخل الفرد العراقي في السنتين الأخيرتين إلى أقل مما كان عليه، لعدة أسباب أبرزها التخبط في سياسات سعر الصرف وما تبعها من ارتفاع مستوى الأسعار العام، ولاسيما المواد الغذائية الأساسية.”
وأضاف الحسيني أن “37 % من أبناء الشعب يقبعون تحت خط الفقر، وهم يشكلون 16 إلى 17 مليون مواطن يعيشون حد الكفاف أو دونه، وبالتالي، في ظل هذه الظروف، فمن غير المتوقع أن يشهد العراق في 2023 قفزة في متوسط دخول مواطنيه ، ولاسيما أن شهر رمضان على الأبواب، حتى وإن كان هناك حقن نقدي للاقتصاد، فإن آثاره لن تظهر قبل أربعة أو خمسة أشهر.”
الإسراع بإقرار الموازنة
واستطرد أن “أسلم الحلول هو الإسراع بإقرار الموازنة، وزيادة حصة الإنفاق الاجتماعي والدعم الحكومي الموجه إلى الطبقات الهشة، شريطة أن تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع وزارة التخطيط بإصدار إحصائية حقيقية لمستحقي هذا الدعم، لكي يكون هادفاً وينتشل محدودي الدخل والفقراء من ضغط الأسعار عليهم، وبالتالي تراجع مستوى الاستهلاك لديهم.”
وعن افضل ستراتيجية ممكن أن يعتمدها محدودو الدخل لمواجهة ارتفاع الأسعار قال الحسيني: “لاتوجد مثل هذه الستراتيجية، لان مستوى الدخل هو ما يحدد حقيقة الاستهلاك، وبما أن متوسط الدخل منخفض بالأساس، فلا توجد هناك حيلة ممكن طرحها من قبلنا كخبراء اقتصاديين، بحيث يستطيع صاحب الدخل المنخفض أن يخطط لضبط استهلاكه، لأن الميل الحدي للاستهلاك لديه مرتفع، وبالتالي فإن ذلك ينسف وجود أية ستراتيجية لمحدودي الدخل في مواجهتهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الشهر الفضيل.”
الأحداث العالمية وتأثيراتها
وأكد الحسيني أن “ارتفاع معدلات الأسعار في العراق لم يعد ظاهرة موسمية، بل بات –وللأسف- مضطرداً، ويرتبط باي حدث، حتى إن كان عالمياً، وهذا له خصوصية تختلف عن العوامل الأخرى باعتبار أن سعر صرف الدولار يفتقر إلى السيطرة الكلية عليه من قبل الحكومة، يتجسد ذلك بالبون الشاسع بين التسعيرة الرسمية والسعر التجاري للدولار، وبالتالي فإن هذا سوف ينعكس على أسعار المواد الغذائية في وقت تكون فيه معظم مواد السلة الغذائية مستوردة، وبالتالي فإننا لن نشهد انخفاضاً في الأسعار لأن المشكلة مركبة، فالمحتوى السلعي للسلة الغذائية مستورد، مقابل شحة في المعروض من الدولار بالنسبة للتاجر، وبالتالي يدفع بالأسعار للارتفاع كثيراً.”