رائد محسن.. تأريخ مسرحي يرفل بجوائز الإبداع
آية منصور /
حصل الفنان الكبير رائد محسن على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج المسرحي الدولي في تونس، عن بطولته في العمل المسرحي (أمكنة إسماعيل) للمخرج إبراهيم حنون. ولم يكن فوز محسن غير متوقع، فهو يعد أحد عمالقة المسرح العراقي، الذي وضع بصمته في المسرح منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي عندما قدم أول أعماله المسرحية مع خيرة الممثلين العراقيين آنذاك، لم ينقطع عطاؤه حتى اللحظة كممثل ودراماتورك محترف، هو الذي آمن بالمسرح المتجدد.
ميزة الفنان الكبير رائد محسن إيمانه بالأجيال المسرحية، فهو من الذين يثقون بقدرة المسرح العراقي على التجدد دائماً.
يتحدث محسن عن تجربته الفنية قائلاً:
عملت مع أجيال مختلفة لسنين طوال وصولاً إلى عملي الأخير ومروراً بتجربتي قبل الأخيرة (وقت ضائع) للمخرج تحرير الأسدي، وشاركتني البطولة فيه الفنانة آسيا كمال.
المسرح لا يتوقف
في عمله الأخير (أمكنة إسماعيل)، الذي استمرت تمارينه لأكثر من أربعة أشهر، راهن (محسن) على فريق عمل تم اختياره بعناية، ونص مسرحي للكاتب هوشنك وزيري، والذي فاز بجائزة الهيئة العربية للمسرح.
(أمكنة إسماعيل)، العمل الذي قدم في بغداد وحقق أصداء كبيرة وانطباعات مختلفة عند المتلقين، وكتب عنه الكثير من النقاد، قدم فيه (محسن) أداءً مدهشاً بشهادة جميع من حضر العرض، عدَّه الكثير من الفنانين العراقيين والعرب الذين شاهدوه بأنه درس مسرحي في فن التمثيل.
سيرة الحب والمسرح
الحديث عن حصول الفنان رائد محسن على جائزة أفضل ممثل في (قرطاج) شاع بين الفنانين العراقيين ما إن تمت دعوة العمل للمهرجان، وهو أمر كان متوقعاً لجميع المختصين في الشأن المسرحي.
الفنان محسن يعد من الأعضاء المهمين في الفرقة الوطنية للتمثيل إذ شغل مناصب مهمة عدة منها رئاسة الشعبة المسرحية في نقابة الفنانين، ومنصب مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح في العام 2011، وعضو لجنة صندوق دعم الدراما، إضافة إلى رئاسة اللجنة الفنية في دائرة السينما والمسرح وعضو لجنة قراءة النصوص.
كمّامة في قرطاج!
قدم العمل في مهرجان قرطان المسرحي، وكانت الأصداء كما توقع الجميع، حتى أن أغلب من حضره في تونس هنأ (محسن) باعتباره الفائز دون منازع بالجائزة حتى قبل الإعلان الرسمي عنها.
الفنان محسن واحد من الفنانين الملتزمين برسالة الفن العليا وقيمه السامية، كان حاضراً على الدوام مع قضايا الوطن المصيرية، ولم يكن حضوره الدائم في ساحة التحرير وتظاهرات تشرين ووقوفه مع مطالب المتظاهرين السلميين إلا رسالة واضحة وبرهاناً ساطعاً على وطنيته وارتباطه بقضايا شعبه، وموقفه رسالة للجميع مفادها أن على أهل الفن والثقافة أن يقولوا كلمتهم ويبينوا موقفهم في هذا الظرف الذي يحاول فيه العراقيون جميعاً إعادة العراق إلى سكة بناء الدولة الحديثة، وهو ما قام به فريق العمل في تونس بعد انتهاء عرضهم هناك، إذ ارتدى جميع كادر العمل أثناء تحية الجمهور في تونس الكمّامات كرسالة تضامنية مع المتظاهرين في العراق.
“أمكنة إسماعيل” بعين تونسية
وبالعودة لـ”أمكنة إسماعيل” وعدَ الفنان رائد محسن جميع أصدقائه بأنه إذا فاز بجائزة في المهرجان فإنه سيهديها إلى متظاهري العراق، وهو ما تحقق فعلاً، إذ أكد قائلاً:
“الجائزة هذه مهداة إلى جميع المتظاهرين وأولهم الشهداء والجرحى في بغداد وبقية المحافظات، وإلى الروح الكبيرة والشامخة في قلوبنا، روح الفنان الكبير الراحل سامي عبد الحميد”.
يذكر أن (أمكنة إسماعيل) تأليف الكاتب هوشنك الوزيري، وإخراج الفنان إبراهيم حنون، وتمثيل الفنان رائد محسن والفنان باسل شبيب، والفنانة كاترين ومجموعة من الفنانين الشباب، وصمم الديكور الفنان محمد النقاش.
سيرة إبداع
نال الفنان رائد محسن الكثير من الجوائز المهمة في مسيرته المسرحية، ومنها جائزة المركز العراقي للمسرح كأفضل ممثل لعام 1986 – 1987، وجائزة أفضل عمل متكامل في مهرجان المسرح الأردني، وجائزة المركز العراقي للمسرح كأفضل ممثل مسرحي، وجائزة الدولة للإبداع عن مسرحية (الجنّة تفتح أبوابها متأخرة) وعن مسرحية (العرش الوحشي)، إضافة إلى جائزة أفضل عمل متكامل في مهرجان قرطاج لعام 2007 عن مسرحية (حظر تجوال) وغيرها الكثير من الجوائز.
قدّم محسن أكثر من 40 عرضاً مسرحياً داخل وخارج العراق، واشترك في أكثر من 60 مسلسلاً تلفزيونياً وإذاعياً.
عمل الفنان رائد محسن، الذي يعد من جيل الحرب، مع أغلب المخرجين والفنانين، ووفاءً لأستاذه يذكر دائماً أنه أحد طلبة الفنان عوني كرومي الذي قدمه في أعمال مسرحية عديدة.