طريق التنمية.. المستقبل والرخاء

407

ضرغام محمد علي/

ظل اقتصاد العراق يوصف دوماً بأنّه ريعي يعتمد بشكل شبه كامل على إيراد بيع النفط الخام دون وجود إيراد مواز او بديل يعزّز موازناته ويخرجها من دائرة التقلبات الاقتصادية العالمية او يقلل منها، لذلك تعددت سبل البحث عن أكثر بدائل التنمية الواقعية وهو ما طرح بقوة مشاريع موازية للتنمية أبرزها طريق الربط “(البحري – البري – البحري) لاختصار طريق التجارة الآسيوية الاوروبية عبر ممر بري يخترق ما يقارب 15 مدينة عراقية من جنوب العراق الى شماله.
الحكومة العراقية أعلنت ملامح المشروع ورؤيته في مؤتمر دولي ضم وزراء نقل دول الجوار العراقي ودول الخليج ووجد ترحيبا لتنوع الفرص المطروحة ضمن المشروع كاستثمار إضافة الى وضع أدوار تنفيذية لهذه الدول لضمان دعمها للمشروع.
تفاصيل فنية
اكتملت الجدوى التمهيدية للمشروع من جمع الوثائق والبيانات واختيار المسارات بين حزيران وتموز 2022 كما اكتملت دراسة حركة المرور وتحليل التكاليف والفوائد بين تشرين الثاني وكانون الثاني 2022 كما سيستغرق التصميم الأولي لأفضل مسارات السكك الحديدية والطرق السريعة وتحديد أولويات الأقسام الوظيفية 12 شهراً، وسيستغرق التصميم التفصيلي ومناقصات أعمال البناء وطلب وشراء المخزون المتداول ١٢ شهراً أيضاً لتكون المدة الإجمالية بحدود ٥ سنوات (2025 – 2029).
وقد ضم المشروع بصيغته التصميمية مفردات تنموية تضاف للتفاصيل الفنية وتتضمن بالاضافة لمشروع الربط بناء مدن جديدة تعمل بالطاقة المتجددة وتكون مسكنا للعاملين في محطات الاستراحة والدعم والخدمات على طول الطريق مايخلق تنمية حضرية في هذه المناطق بعيدا عن مراكز المدن إضافة للمفردات التقنية للمشروع التي تتضمن إنشاء طرق حديثة برية بمواصفات عالية بستة مسارات؛ ثلاثة منها للذهاب وثلاثة للاياب.
المنظومة السككية
من مكاسب المشروع إنشاء منظومة سككية بأحدث المواصفات وتتألف من قطارات لنقل الركاب بسرعة تبلغ 300 كم/ ساعة، إضافة الى قطارات الشحن بسرعة 140 كيلو متراً في الساعة ستكون الأحدث والأكفأ في المنطقة تتخللها 11 محطة للشحن، تضاف لها 15 محطة لنقل الركاب بخدمات حديثة.
في حين حملت خرائط المشروع إيجاد أربع محطات رئيسة تلتقي فيها الطرق البرية والسككية وتعدّ محطات رئيسة للمشروع، كما سيشهد المشروع بناء 24 محطة طاقة كهربائية لتزويد هذه المحطات والمنشآت الخدمية بالطاقة المتجددة النظيفة.
منظومة الطرق البرية
من أهم مكاسب المشروع بناء طرق برية بـ 6 مسارات؛ 3 مسارات للذهاب ومثلها للاياب تربط شمال العراق بجنوبه وهي طرق يفتقدها العراق حاليا، إذ إن الطرق الخارجية الحالية قديمة وانتهى عمرها الافتراضي لذا فإن ربط محافظات العراق بسلسلة طرق برية حديثة ذات طاقة حمولة عالية مجهزة بـ 18 محطة لتجهيز الشاحنات بالوقود ومحطات خدمة واستراحة مجهّزة بفنادق ومحطات صيانة وكافيهات ومطاعم بواقع 24 محطة.
المسار العام للطريق
تستند فكرة الطريق على انطلاق البضائع والسلع من موانئ الصين وميناء كوادر الباكستاني الذي يخضع للإدارة الصينية وصولا الى رأس الخليج حيث ترتبط جميع الموانئ العراقية بميناء أم قصر وميناء خور الزبير إضافة لميناء الفاو في حال انتهاء العمل به بمنظومة واحدة بمنطقة تجمّع للبضائع عبارة عن مدن لوجستية ومناطق صناعية ومصنع بتروكيمياويات لتكون منظومة اقتصادية كبرى في البصرة ومنها تنطلق بريا الى حدود تركيا من خلال معبر فيشخابور، حيث تبدأ المرحلة الثانية داخل الاراضي التركية وصولا الى موانئ تركيا للبحر الابيض المتوسط ومنها الانطلاق الى ميناء روتردام في هولندا لتكون محطة الانطلاق الى كل أنحاء اوروبا.
طريق مختصر
يعدّ طريق التنمية بديلا حيويا مختزلا للطرق التقليدية للتجارة حاليا إذ يختزل ما بين 14 الى 21 يوما حسب وجهة البضائع والدولة المستفيدة في اوروبا وهي فترة زمنية كبيرة ولا سيما للسلع والبضائع السريعة التلف كالمواد الغذائية والادوية والمنتجات السريعة التلف وهذا ما يرفع سقف التبادل التجاري ونوعية المنتجات بين تلك الدول ويقلل من مخاطر النقل وكلف التأمين التي تشكل عنصرا اقتصاديا مهما وأساسيا في احتساب الكلف.
علاقات دولية
يفكّر القائمون على المشروع بجعله حجر زاوية في تطوير علاقة العراق بدول العالم لا سيما تلك التي ستستفيد من طريق التنمية وليكون العراق محطة تواصل دولية بدور اقتصادي وسياسي يحوّل العراق الى دولة محورية في المنطقة؛ لها دور في خلق سياسة سلام وتوازن إقليمي مبني على الثقل الاقتصادي الذي يشكله موقعه الستراتيجي وأهميته في بناء اقتصاديات المنطقة.