غياب البديل لعلوة جميلة يسهم فيها.. أسعار المواد الغذائية في الأسواق تتأثر بسعر الصرف

171

مصطفى الهاشمي – تصوير:علي الغرباوي /

تشهد الأسواق العراقية ارتفاعاً في أسعار جميع المواد الغذائية الأساسية المستوردة، وحتى المحلية الصنع منها، متأثرة بارتفاع سعر صرف الدولار، وسط محاولة عدد كبير من التجار إشباع جشعهم ببيع المواد المستوردة بالدولار المدعوم (السعر الرسمي) بسعر الدولار (التجاري).
يقول زياد العبد الله (صاحب أسواق بيع بالجملة) إن “مشكلة السوق العراقية لها جوانب عدة، أبرزها عدم وجود (علوة) ضخمة تضاهي (علوة) جميلة، ما يدفعنا -نحن التجار- إلى التعامل معها بكل عيوبها ومحاسنها..!”
البيع بالتصريف
أضاف العبد الله في حديثه إلى “مجلة الشبكة” أن “موضوع استيراد التجار بالدولار المدعوم بالسعر الرسمي، وبيع البضاعة بالدولار التجاري (كما يظن البعض)، له أسبابه التي تتمثل في أن غالبية تجار جميلة يبيعون بضاعتهم لنا بطريقة (التصريف)، أي أنها ديون مؤجلة، وأن بيعها لنا بالدولار التجاري غير وارد، لأن الدولار عملة ثابتة، لكنها عرضة لتغير سعر الصرف في العراق، كما يحدث الآن.”
وأشار إلى “أننا، كتجار وسطاء، نالنا الضرر كما تحمل المواطن البسيط الضرر الأكبر بسبب اختلال سعر الصرف.” موضحاً “أننا –بدورنا- نبيع السلع والمواد الغذائية إلى أصحاب المحال الصغيرة والأسواق في المناطق السكنية بطريقة التصريف أيضاً، لكننا نبيعها بالعملة الوطنية لا بالدولار، وبالتالي فإن فرق سعر صرف الدولار يضغط علينا من ناحية الأرباح التي قد لا تكاد تذكر بسبب هذا الوضع، وبالتالي إيقاف البيع أحياناً لحين تراجع سعر الصرف.”
غياب المخازن
من جهته.. يوضح أحمد عباس (صاحب أسواق بيع بالجملة) أن “تجار الجملة في العراق، بصورة عامة، يفتقرون إلى وجود مخازن تكفي لخزن البضائع لأكثر من 6 أشهر، إذ أن عمل التجار حالياً يتمثل بتوفير بضائع للسوق فقط، بغض النظر عن مدة تداولها ونفادها في الأسواق، أي أن التاجر يستورد كميات محدودة تغطي حاجة السوق لأسابيع فقط، ولا تتجاوز المدة أكثر من شهر بسبب عدم وجود مخازن ضخمة.”
ولفت عباس إلى أن “تجار الجملة الكبار، المستوردين بالدولار، يعملون وفق خطط قصيرة الأجل بسبب عامل الوقت، وذلك بسبب تأخر وصول المواد الغذائية بحراً إلى موانئ البصرة، فضلاً عن أجور العمال والنقل والشحن والتفريغ، وعدم وجود بديل عن (علوة جميلة)، لذلك فإن الحكومة تعد المسؤول الأول والأخير عن استقرار سعر الصرف واستقرار الأسواق.”
الدواجن والأسماك
واستطرد أن “المنتجات الغذائية المصنعة، أو المنتجة محلياً، كالبيض والدجاج والأسماك، تشهد هي الأخرى ارتفاعاً في أسعارها، رغم أن المنتجات الحيوانية والزراعية مدعومة حكومياً.!”
وبيّن أن “أصحاب الدواجن والمفاقس رفعوا أسعار منتجات مزارعهم بدون سبب وأنه لا علاقة لهم بسعر الصرف، لأن الحكومة وفرت لهم اللقاحات والأعلاف بأسعار مدعومة، ما يؤكد جشعهم واستغلالهم الأزمة لصالح جيوبهم على حساب المواطن الفقير.”
الإجراءات الرقابية
فيما يقول الأكاديمي الاقتصادي الدكتور أحمد الحسيني إن “ما كنا نحذر منه بالأمس، للأسف وقع اليوم، إذ أن التجار يحصلون على الدولار النقدي بسعر صرف ١٤٦٠ ويبيعون بضائعهم المستوردة بسعر ١٦٠٠ او ١٦١٠، وهذا مؤشر على ضعف الإجراءات الرقابية لضبط إيقاع الأسعار من قبل الجهات الحكومية المسؤولة عن هذا الملف.”
وأكد الحسيني في حديث إلى “مجلة الشبكة”، “نرى أن الحل يجب أن يكون على مستويات عدة، تبدأ أولا بتفعيل دور الأجهزة الرقابية، ولاسيما المسؤولة عن ضبط إيقاع الأسعار، مع ضرورة إلزام التجار الذين يحصلون على الدولار النقدي بسعر الصرف الرسمي ببيع بضائعهم بهامش ربح لا يتجاوز الـ ١٠% من قيمة البضائع وتوقيع تعهدات بذلك، وبخلافه يحرم التاجر من الحصول على الدولار النقدي لمدة ٦ أشهر وكذلك يحرم من فتح اعتماد مستندي للتحويل.”
وأشار إلى ضرورة الإسراع بإقرار موازنة ٢٠٢٣ وزيادة نسبة التخصيصات المالية الموجهة إلى الشرائح الهشة.
وتابع “أما عن إجراءات البنك المركزي، فهي خجولة جداً ولا ترقى إلى مستوى إدارة أزمة بهذا الحجم والتأثير، لأن المركزي يعد المنفذ الوحيد في العراق لضخ الدولار، ويتحتم عليه السيطرة على نافذة بيع العملة وتحقيق استقرار سعر صرف ثابت لا يربك الأسواق والتعاملات التجارية الداخلية.”
ويرى الحسيني أن “الحل الأفضل لاستمرار ثبات سعر الصرف هو بزيادة عدد منافذ بيع الدولار النقدي للمواطنين، والتجار خصوصاً، للسيطرة على ارتفاع الأسعار.”
وكانت وزارة التجارة قد أطلقت عملية توفير البيض والدجاج والطحين بأسعار مدعومة بهدف الحد من ارتفاعها في السوق وحددت أسعارها، كما أعلنت عن خطة لمراقبة السوق المحلية تشمل بغداد والمحافظات لمتابعة ومراقبة السوق المحلية وإعداد تقارير مُفصلة إلى الجهات المُختصة لغرض القيام بإجراءات عاجلة لمراقبة ما يحدث في السوق، ما ولد ارتياحاً لدى المواطنين.